الدرس الثالث
تقسيم الخبر باعتبار وصوله إلينا
وقبل البدء فى تقسيم الخبر باعتبار وصوله إلينا نود الإشارة إلى أن هذا التقسيم يعتمد على عدد الطرق التى ورد بها الحديث. ولتوضيح ذلك نقول :
الحديث غالبا يرويه صحابى فيسمعه منه تابعى فيسمعه منه تابع تابعى وهكذا وربما رواه صحابى لصحابى ثم تابعى ثم تابع تابعى . وهذه السلسلة تسمى طريق .
وقد يرد الحديث من أكثر من طريق كأن يرويه صحابى آخر غير الأول لتابعى آخر لتابع تابعى آخر وفى هذه الحالة يكون للحديث طريقان . وبناءا على ذلك قد يكون للحديث الواحد طرق لاحصر لها فى كل طبقة أقصد طبقة الصحابة وطبقة التابعين وما بعدها وهكذا . ودعنا نبدأ فى بيان هذا التقسيم .
ينقسم الخبر باعتبار وصوله إلينا إلى قسمين:
1- فان كان له طرق بلا حَصْرِ عدد معين فهو المتواتر .
2- وإن كان له طرق محصورة بعدد معين فهو الآحاد.
وعلى ذلك فإن الخبر ينقسم باعتبار وصوله إلينا أى باعتبار عدد الطرق التى وصل بها إلينا إلى متواتر وآحاد . ولنبدأ بالتعرّف على كليهما .
الخبر المتواتر
تعريفه :
أ) لغة: هو اسم فاعل مشتق من التواتر أي التتابع، تقول تواتر المطر أي تتابع نزوله.
ب) اصطلاحا: ما رواه عدد كثير تٌحيل العادة تواطؤهم على الكذب.
ومعنى التعريف الإصطلاحى: هو الحديث أو الخبر الذي يرويه في كل طبقة من طبقات سنده رواة كثيرون يحكم العقل عادة باستحالة أن يكون أولئك الرواة قد اتفقوا على اختلاق هذا الخبر.
أى عدد كبير من طبقة الصحابة إلى عدد كبير من طبقة التابعين إلى عدد كبير من الطبقة التالية وهكذا . المهم أن يإتى الحديث من طرق مختلفة لا حصر لها
شروطه:
يتبين من شرح التعريف أن التواتر لا يتحقق في الخبر إلا بشروط أربعة وهي:
أ) أن يرويه عدد كثير . وقد اختلف في أقل الكثرة على أقوال المختار أنه عشرة أشخاص
ب) أن توجد هذه الكثرة في جميع طبقات السند أى طبقة الصحابة ثم طبقة التابعين ثم من بعدهم .
ج) أن تٌحيل العادة تواطؤهم على الكذب .
د) أن يكون مٌسْتَنَد خبرهم الحس . كقولهم سمعنا أو رأينا أو لمسنا أو ..... أما إن كان مستند خبرهم العقل. كالقول بحدوث العالم مثلا . فلا يسمي الخبر حينئذ متواتراً .
حٌكمه :
المتواتر يفيد العلم الضروري، أي اليقيني الذي يضطر الإنسان إلى التصديق به تصديقاً جازماً كمن يشاهد الأمر بنفسه كيف لا يتردد في تصديقه، فكذلك الخبر المتواتر. لذلك كان المتواتر كله مقبولا ولا حاجة إلى البحث عن أحوال رواته.
( فلو وجدت فى أحد الرواة طعن كانت كثرة الطرق الأخرى تغنى عن الراوى المطعون فيه )
أقسامه:
ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين هما، لفظي ومعنوي.
أ) المتواتر اللفظي:
هو ما تواتر لفظه ومعناه. مثل حديث " من كذب علىَّ معتمداً فليتبوأ مقعده من النار " رواه بضعة وسبعون صحابياً .
ب) المتواتر المعنوي:
هو ما تواتر معناه دون لفظة.
مثل : أحاديث رفع اليدين في الدعاء . فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم نحو مائة حديث. كل حديث منها فيه أنه رفع يديه في الدعاء .لكنها في قضايا مختلفة فكل قضية منها لم تتواتر، والقَدر المشترك بينها ـ وهو الرفع عند الدعاء ـ تواتر باعتبار مجموع الطرق.
وجوده :
يوجد عدد لا بأس به من الأحاديث المتواترة ، منها حديث الحوض ، وحديث المسح على الخفين ، وحديث رفع اليدين في الصلاة وحديث نضر الله أمراً، وغيرها كثير ، لكن لو نظرنا إلى عدد أحاديث الآحاد لوجدتا أن الأحاديث المتواترة قليلة جداً النسبة لها .
أشهر المصنفات فيه :
لقد اعتني العلماء بجمع الأحاديث المتواترة وجعلها في مصنف مستقل ليسهل على الطالب الرجوع إليها. فمن تلك المصنفات:
أ) الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة : للسيوطي . وهو مرتب على الأبواب.
ب) قطف الأزهار للسيوطي أيضاً . وهو تلخيص للكتاب السابق .
ج) نظم المتناثر من الحديث المتواتر : لمحمد بن جعفر الكتاني .
خبر الآحاد
تعريفه:
أ) لغة: الآحاد جمع أحد بمعني الواحد، وخبر الواحد هو ما يرويه شخص واحد.
ب) اصطلاحاً: هو ما لم يجمع شروط المتواتر ( التى سبق سردها )
حكمه :
يفيد العلم النظري ، أي العلم المتوقف على النظر والاستدلال .
أقسامه بالنسبة إلى عدد طرقه :
يقسم خبر الآحاد بالنسبة إلى عدد طرقه إلى ثلاثة أقسام.
أ-مشهور.
ب-عزيز.
ج-غريب.
ونبدأ الكلام أولا عن المَشهور
تعريفه:
أ) لغة : هو اسم مفعول من " شَهَرْتٌ الأمر " إذا أعلنته وأظهرته وسمى بذلك لظهوره .
ب) اصطلاحاً: ما رواه ثلاثة ـ فأكثر في كل طبقة ـ ما لم يبلغ حد التواتر.
والمقصود أن أقل عدد ليطلق على الحديث أنه مشهور هو ثلاثة فى كل طبقة يعنى ثلاثة مختلفين من الصحابة إلى ثلاثة مختلفين من التابعين إلى ثلاثة مختلفين من تابع التابعين وهكذا وقد يزيد العدد فى كل طبقة عن ثلاثة لكن لايبلغ درجة التواتر
المشهور غير الاصطلاحي:
ويقصد به ما اشتهر على الألسنة من غير شروط تعتبر، فيشمل:
أ-ما له إسناد واحد .
ب-وما له أكثر من إسناد .
ج-وما لا يوجد له إسناد أصلا .
أنواع المشهور غير الاصطلاحي:
المشهور غير الاصطلاحي له أنواع كثيرة أشهرها :
أ-مشهور بين أهل الحديث خاصة : ومثاله حديث أنس " أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قنت شهراً بعد الركوع يدعو على رِعْلٍ وذَكْوان "
ب-مشهور بين أهل الحديث والعلماء والعوام: مثاله " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده "
ج-مشهور بين الفقهاء: مثاله حديث " أبغض الحلال إلى الله الطلاق "
د-مشهور بين الأصوليين: مثاله حديث " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " صححه ابن حبان والحاكم .
هـ-مشهور بين النحاة : مثاله حديث " نِعْمَ العبدٌ صٌهَيْبُ لو لم يَخَفِ الله لم يَعْصِهِ " لا أصل له .
و-مشهور بين العامة : مثاله حديث " العجلة من الشيطان" أخرجه الترمذي وحسنه .
( وهنا أود الإشارة أن الحديث المشهور بين طبقات الناس المختلفة لا يعنى أنه صحيح ولكنه مشهور على ألسنتهم وهذا يختلف عن الحديث المشهور إصطلاحا أى الحديث الذى أصطلح أنه مشهور وهو الذى يحوى فى كل طبقة من طبقات السند ثلاثة رواة ، وهذا أيضا لايعنى أنه صحيح . فتقسيم الحديث الآحاد إلى مشهور وعزيز وغريب لا يعنى أن أحدهما أصح من الآخر ، والبحث فى صحة الحديث من عدمه له تقسيم آخر سيرد لاحقا )
حكم المشهور :
المشهور الاصطلاحي وغير الاصطلاحي لا يوصف بكونه صحيحاً أو غير صحيح ، بل منه الصحيح ومنه الحسن والضعيف بل والموضوع ، لكن إن صح المشهور الاصطلاحي فتكون له ميزة ترجحه على العزيز والغريب .
أشهر المصنفات فيه :
المراد بالمصنفات في الأحاديث المشهورة هو الأحاديث المشهورة على الألسنة وليس المشهورة اصطلاحاً ، ومن هذه المصنفات .
أ-المقاصد الحسنة فيما اشتهر على الألسنة للسخاوي .
ب- كشف الخفاء ومزيل الإلباس فيما اشتهر من الحديث على السنة الناس للعجلوني .
جـ- تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث لابن الديبغ الشيباني .
العَـــزيز
تعريفه:
أ- لغة: هو صفة مشبهة من " عَزَّ يَعِزّ" بالكسر أي قَلَّ و نَدَرَ، أو من "عَزَّ يَعّزُّ" بالفتح، أي قوي واشتد، وسمي بذلك أما لقلة وجوده وندرته. وأما لقوته بمجيئه من طريق آخر.
ب- اصطلاحاً: أن لا يقل رواته عن اثنين في جميع طبقات السند.
شرح التعريف :
يعني أن لا يوجد في طبقة من طبقات السند أقلٌّ من اثنين أما إن وجد في بعض طبقات السند ثلاثة فأكثر فلا يضر ، بشرط أن تبقي ولو طبقة واحدة فيها اثنان ، لأن العبرة لأقل طبقة من طبقات السند .
هذا التعريف هو الراجح كما حرره الحافظ ابن حجر وقال بعض العلماء: إن العزيز هو رواية اثنين أو ثلاثة، فلم يفصلوه عن المشهور في بعض صوره.
مثاله:
ما رواه الشيخان من حديث أنس ، والبخاري من حديث أبي هريرة أن رسول صلي الله عليه وسلم قال : " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين"
ورواه عن أنس قتادة وعبد العزيز بن صهيب ، ورواه عن قتادة شعبة وسعيد ورواه عن عبدالعزيز إسماعيل بن عٌلَيَّه وعبدالوارث ، ورواه عن كل منهم جماعة .
أشهر المصنفات فيه :
لم يصنف العلماء مصنفات خاصة للحديث العزيز، والظاهر أن ذلك لقلته ولعدم حصول فائدة مهمة من تلك المصنفات.
الغــــريب
تعريفه:
أ) لغة: هو صفة مشبهة، بمعنى المنفرد، أو البعيد عن أقاربه.
ب) اصطلاحاً: هو ما ينفرد بروايته راوٍ واحد.
شرح التعريف :
أي هو الحديث الذي يستقل بروايته شخص واحد، إما في كل طبقة من طبقات السند. أو في بعض طبقات السند ولو في طبقة واحدة، ولا تضر الزيادة عن واحد في باقي طبقات السند، لأن العبرة للأقل.
تسمية ثانية له :
يطلق كثير من العلماء على الغريب اسماً آخر هو " الفَرْد " على أنهما مترادفان ، وغايَرَ بعض العلماء بينهما ، فجعل كلا منهما نوعا مستقلا ، لكن الحافظ ابن حجر يعتبرهما مترادفين لغة واصطلاحاً ، إلا أنه قال : إن أهل الاصطلاح غايروا بينهما من حيث كثرة الاستعمال وقلته ، فـ " الفرد " أكثر ما يطلقونه على "الفَرْد المٌطْلَق" و"الغريب " أكثر ما يطلقونه على " الفرْد النَّسْبي "
أقسامه:
يقسم الغريب بالنسبة لموضع التفرد فيه إلى قسمين هما " غريب مٌطْلق " وغريب نسبى "
أ-الغريب المطلق: أو الفرد المطلق.
1) تعريفه: هو ما كانت الغرابة ( يقصد بها راو واحد ) في أصل سنده، أي ما ينفرد بروايته شخص واحد في أصل سنده.
2) مثاله : حديث " إنما الأعمال بالنيات " تفرد به عمر بن الخطاب رضي الله عنه : هذا وقد يستمر التفرد إلى آخر السند وقد يرويه عن ذلك المتفرد عدد من الرواة
ب- الغريب النسبي: أو الفرد النسبي.
1) تعريفه: هو ما كانت الغرابة في أثناء سنده أي أن يرويه أكثر من راو في أصل سنده ثم ينفرد بروايته راو واحد عن أولئك الرواة.
2) مثاله : حديث " مالك عن الزهري عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المِغْفَر " . تفرد به مالك عن الزهري .
3- سبب التسمية: وسمى هذا القسم بـ " الغريب النسبي" لأن التفرد وقع فيه بالنسبة إلى شخص معين .
من أنواع الغريب النَّسْبي :
هناك أنواع من الغرابة أو التفرد يمكن اعتبارها من الغريب النسبي ، لأن الغرابة فيها ليست مطلقة وإنما حصلت الغرابة فيها بالنسبة إلى شيء معين ، وهذه الأنواع هي :
أ-تفرد ثقة برواية الحديث : كقولهم : لم يروه ثقة إلا فلان .
ب- تفرد راو معين عن راو معين: كقولهم: " تفرد به فلان عن فلان " وإن كان مروياً من وجوه أخرى عن غيره.
جـ- تفرد أهل بلد أو أهل جهة: كقولهم " تفرد به أهل مكة أو أهل الشام"
د- تفرد أهل بلد أو جهة عن أهل بلد أو جهة أخرى: كقولهم: " تفرد به أهل البصرة عن أهل المدينة، أو تفرد به أهل الشام عن أهل الحجاز"3
تقسيم آخر له :
قسم العلماء الغريب من حيث غرابة السند أو المتن إلى:
أ) غريب متناً وإسنادا : وهو الحديث الذي تفرد برواية متنه راو واحد .
ب) غريب إسنادا لا متناً : كحديث روى مَتْنَه جماعة من الصحابة ، انفرد واحد بروايته عن صحابي آخر . وفيه يقول الترمذي : " غريب من هذا الوجه " .
من مظان الغريب :
أي مكان وجود أمثلة كثيرة له.
أ-مٌسْنَد البَزَّار .
ب-المٌعْجَم الأوسط للطبراني .
أشهر المصنفات فيه :
أ) غرائب مالك للدارقطني .
ب) الأفرْاد للدارقطني أيضا .
ج) السنن التي تفرد بكل سنة منها أهل بلدة لأبي داود السجستاني .
ـ تقسيم خبر الآحاد بالنسبة إلى قوته وضعفه -
ينقسم خبر الآحاد من مشهور وعزيز وغريب ـ بالنسبة إلى قوته وضعفه إلى قسمين وهما:
أ-مقبول: وهو ما تَرَجَّح صِدْقٌ المٌخْبِرِ به،
وحكمه: وجوب الاحتجاج والعمل به
ب- مردود : وهو ما لم يَتَرَجَّح صِدق المٌخْبِرِ به ،
وحكمه : أنه لا يحتج به ولا يجب العمل به ،
( أى أنه كون الحديث له طريق واحد أو إثنان أو ثلاثه لايعنى إبتداء أنه صحيح ولا يعنى أنه مردود إلا بعد البحث فى أسباب صحته أو رده )
ولكل من المقبول والمردود أقسام وتفاصيل ستٌذكر في فصلين مستقلين إن شاء الله تعالى
إلى الدرس الرابع بعون الله
تقسيم الخبر باعتبار وصوله إلينا
وقبل البدء فى تقسيم الخبر باعتبار وصوله إلينا نود الإشارة إلى أن هذا التقسيم يعتمد على عدد الطرق التى ورد بها الحديث. ولتوضيح ذلك نقول :
الحديث غالبا يرويه صحابى فيسمعه منه تابعى فيسمعه منه تابع تابعى وهكذا وربما رواه صحابى لصحابى ثم تابعى ثم تابع تابعى . وهذه السلسلة تسمى طريق .
وقد يرد الحديث من أكثر من طريق كأن يرويه صحابى آخر غير الأول لتابعى آخر لتابع تابعى آخر وفى هذه الحالة يكون للحديث طريقان . وبناءا على ذلك قد يكون للحديث الواحد طرق لاحصر لها فى كل طبقة أقصد طبقة الصحابة وطبقة التابعين وما بعدها وهكذا . ودعنا نبدأ فى بيان هذا التقسيم .
ينقسم الخبر باعتبار وصوله إلينا إلى قسمين:
1- فان كان له طرق بلا حَصْرِ عدد معين فهو المتواتر .
2- وإن كان له طرق محصورة بعدد معين فهو الآحاد.
وعلى ذلك فإن الخبر ينقسم باعتبار وصوله إلينا أى باعتبار عدد الطرق التى وصل بها إلينا إلى متواتر وآحاد . ولنبدأ بالتعرّف على كليهما .
الخبر المتواتر
تعريفه :
أ) لغة: هو اسم فاعل مشتق من التواتر أي التتابع، تقول تواتر المطر أي تتابع نزوله.
ب) اصطلاحا: ما رواه عدد كثير تٌحيل العادة تواطؤهم على الكذب.
ومعنى التعريف الإصطلاحى: هو الحديث أو الخبر الذي يرويه في كل طبقة من طبقات سنده رواة كثيرون يحكم العقل عادة باستحالة أن يكون أولئك الرواة قد اتفقوا على اختلاق هذا الخبر.
أى عدد كبير من طبقة الصحابة إلى عدد كبير من طبقة التابعين إلى عدد كبير من الطبقة التالية وهكذا . المهم أن يإتى الحديث من طرق مختلفة لا حصر لها
شروطه:
يتبين من شرح التعريف أن التواتر لا يتحقق في الخبر إلا بشروط أربعة وهي:
أ) أن يرويه عدد كثير . وقد اختلف في أقل الكثرة على أقوال المختار أنه عشرة أشخاص
ب) أن توجد هذه الكثرة في جميع طبقات السند أى طبقة الصحابة ثم طبقة التابعين ثم من بعدهم .
ج) أن تٌحيل العادة تواطؤهم على الكذب .
د) أن يكون مٌسْتَنَد خبرهم الحس . كقولهم سمعنا أو رأينا أو لمسنا أو ..... أما إن كان مستند خبرهم العقل. كالقول بحدوث العالم مثلا . فلا يسمي الخبر حينئذ متواتراً .
حٌكمه :
المتواتر يفيد العلم الضروري، أي اليقيني الذي يضطر الإنسان إلى التصديق به تصديقاً جازماً كمن يشاهد الأمر بنفسه كيف لا يتردد في تصديقه، فكذلك الخبر المتواتر. لذلك كان المتواتر كله مقبولا ولا حاجة إلى البحث عن أحوال رواته.
( فلو وجدت فى أحد الرواة طعن كانت كثرة الطرق الأخرى تغنى عن الراوى المطعون فيه )
أقسامه:
ينقسم الخبر المتواتر إلى قسمين هما، لفظي ومعنوي.
أ) المتواتر اللفظي:
هو ما تواتر لفظه ومعناه. مثل حديث " من كذب علىَّ معتمداً فليتبوأ مقعده من النار " رواه بضعة وسبعون صحابياً .
ب) المتواتر المعنوي:
هو ما تواتر معناه دون لفظة.
مثل : أحاديث رفع اليدين في الدعاء . فقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم نحو مائة حديث. كل حديث منها فيه أنه رفع يديه في الدعاء .لكنها في قضايا مختلفة فكل قضية منها لم تتواتر، والقَدر المشترك بينها ـ وهو الرفع عند الدعاء ـ تواتر باعتبار مجموع الطرق.
وجوده :
يوجد عدد لا بأس به من الأحاديث المتواترة ، منها حديث الحوض ، وحديث المسح على الخفين ، وحديث رفع اليدين في الصلاة وحديث نضر الله أمراً، وغيرها كثير ، لكن لو نظرنا إلى عدد أحاديث الآحاد لوجدتا أن الأحاديث المتواترة قليلة جداً النسبة لها .
أشهر المصنفات فيه :
لقد اعتني العلماء بجمع الأحاديث المتواترة وجعلها في مصنف مستقل ليسهل على الطالب الرجوع إليها. فمن تلك المصنفات:
أ) الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة : للسيوطي . وهو مرتب على الأبواب.
ب) قطف الأزهار للسيوطي أيضاً . وهو تلخيص للكتاب السابق .
ج) نظم المتناثر من الحديث المتواتر : لمحمد بن جعفر الكتاني .
خبر الآحاد
تعريفه:
أ) لغة: الآحاد جمع أحد بمعني الواحد، وخبر الواحد هو ما يرويه شخص واحد.
ب) اصطلاحاً: هو ما لم يجمع شروط المتواتر ( التى سبق سردها )
حكمه :
يفيد العلم النظري ، أي العلم المتوقف على النظر والاستدلال .
أقسامه بالنسبة إلى عدد طرقه :
يقسم خبر الآحاد بالنسبة إلى عدد طرقه إلى ثلاثة أقسام.
أ-مشهور.
ب-عزيز.
ج-غريب.
ونبدأ الكلام أولا عن المَشهور
تعريفه:
أ) لغة : هو اسم مفعول من " شَهَرْتٌ الأمر " إذا أعلنته وأظهرته وسمى بذلك لظهوره .
ب) اصطلاحاً: ما رواه ثلاثة ـ فأكثر في كل طبقة ـ ما لم يبلغ حد التواتر.
والمقصود أن أقل عدد ليطلق على الحديث أنه مشهور هو ثلاثة فى كل طبقة يعنى ثلاثة مختلفين من الصحابة إلى ثلاثة مختلفين من التابعين إلى ثلاثة مختلفين من تابع التابعين وهكذا وقد يزيد العدد فى كل طبقة عن ثلاثة لكن لايبلغ درجة التواتر
المشهور غير الاصطلاحي:
ويقصد به ما اشتهر على الألسنة من غير شروط تعتبر، فيشمل:
أ-ما له إسناد واحد .
ب-وما له أكثر من إسناد .
ج-وما لا يوجد له إسناد أصلا .
أنواع المشهور غير الاصطلاحي:
المشهور غير الاصطلاحي له أنواع كثيرة أشهرها :
أ-مشهور بين أهل الحديث خاصة : ومثاله حديث أنس " أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قنت شهراً بعد الركوع يدعو على رِعْلٍ وذَكْوان "
ب-مشهور بين أهل الحديث والعلماء والعوام: مثاله " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده "
ج-مشهور بين الفقهاء: مثاله حديث " أبغض الحلال إلى الله الطلاق "
د-مشهور بين الأصوليين: مثاله حديث " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " صححه ابن حبان والحاكم .
هـ-مشهور بين النحاة : مثاله حديث " نِعْمَ العبدٌ صٌهَيْبُ لو لم يَخَفِ الله لم يَعْصِهِ " لا أصل له .
و-مشهور بين العامة : مثاله حديث " العجلة من الشيطان" أخرجه الترمذي وحسنه .
( وهنا أود الإشارة أن الحديث المشهور بين طبقات الناس المختلفة لا يعنى أنه صحيح ولكنه مشهور على ألسنتهم وهذا يختلف عن الحديث المشهور إصطلاحا أى الحديث الذى أصطلح أنه مشهور وهو الذى يحوى فى كل طبقة من طبقات السند ثلاثة رواة ، وهذا أيضا لايعنى أنه صحيح . فتقسيم الحديث الآحاد إلى مشهور وعزيز وغريب لا يعنى أن أحدهما أصح من الآخر ، والبحث فى صحة الحديث من عدمه له تقسيم آخر سيرد لاحقا )
حكم المشهور :
المشهور الاصطلاحي وغير الاصطلاحي لا يوصف بكونه صحيحاً أو غير صحيح ، بل منه الصحيح ومنه الحسن والضعيف بل والموضوع ، لكن إن صح المشهور الاصطلاحي فتكون له ميزة ترجحه على العزيز والغريب .
أشهر المصنفات فيه :
المراد بالمصنفات في الأحاديث المشهورة هو الأحاديث المشهورة على الألسنة وليس المشهورة اصطلاحاً ، ومن هذه المصنفات .
أ-المقاصد الحسنة فيما اشتهر على الألسنة للسخاوي .
ب- كشف الخفاء ومزيل الإلباس فيما اشتهر من الحديث على السنة الناس للعجلوني .
جـ- تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث لابن الديبغ الشيباني .
العَـــزيز
تعريفه:
أ- لغة: هو صفة مشبهة من " عَزَّ يَعِزّ" بالكسر أي قَلَّ و نَدَرَ، أو من "عَزَّ يَعّزُّ" بالفتح، أي قوي واشتد، وسمي بذلك أما لقلة وجوده وندرته. وأما لقوته بمجيئه من طريق آخر.
ب- اصطلاحاً: أن لا يقل رواته عن اثنين في جميع طبقات السند.
شرح التعريف :
يعني أن لا يوجد في طبقة من طبقات السند أقلٌّ من اثنين أما إن وجد في بعض طبقات السند ثلاثة فأكثر فلا يضر ، بشرط أن تبقي ولو طبقة واحدة فيها اثنان ، لأن العبرة لأقل طبقة من طبقات السند .
هذا التعريف هو الراجح كما حرره الحافظ ابن حجر وقال بعض العلماء: إن العزيز هو رواية اثنين أو ثلاثة، فلم يفصلوه عن المشهور في بعض صوره.
مثاله:
ما رواه الشيخان من حديث أنس ، والبخاري من حديث أبي هريرة أن رسول صلي الله عليه وسلم قال : " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناس أجمعين"
ورواه عن أنس قتادة وعبد العزيز بن صهيب ، ورواه عن قتادة شعبة وسعيد ورواه عن عبدالعزيز إسماعيل بن عٌلَيَّه وعبدالوارث ، ورواه عن كل منهم جماعة .
أشهر المصنفات فيه :
لم يصنف العلماء مصنفات خاصة للحديث العزيز، والظاهر أن ذلك لقلته ولعدم حصول فائدة مهمة من تلك المصنفات.
الغــــريب
تعريفه:
أ) لغة: هو صفة مشبهة، بمعنى المنفرد، أو البعيد عن أقاربه.
ب) اصطلاحاً: هو ما ينفرد بروايته راوٍ واحد.
شرح التعريف :
أي هو الحديث الذي يستقل بروايته شخص واحد، إما في كل طبقة من طبقات السند. أو في بعض طبقات السند ولو في طبقة واحدة، ولا تضر الزيادة عن واحد في باقي طبقات السند، لأن العبرة للأقل.
تسمية ثانية له :
يطلق كثير من العلماء على الغريب اسماً آخر هو " الفَرْد " على أنهما مترادفان ، وغايَرَ بعض العلماء بينهما ، فجعل كلا منهما نوعا مستقلا ، لكن الحافظ ابن حجر يعتبرهما مترادفين لغة واصطلاحاً ، إلا أنه قال : إن أهل الاصطلاح غايروا بينهما من حيث كثرة الاستعمال وقلته ، فـ " الفرد " أكثر ما يطلقونه على "الفَرْد المٌطْلَق" و"الغريب " أكثر ما يطلقونه على " الفرْد النَّسْبي "
أقسامه:
يقسم الغريب بالنسبة لموضع التفرد فيه إلى قسمين هما " غريب مٌطْلق " وغريب نسبى "
أ-الغريب المطلق: أو الفرد المطلق.
1) تعريفه: هو ما كانت الغرابة ( يقصد بها راو واحد ) في أصل سنده، أي ما ينفرد بروايته شخص واحد في أصل سنده.
2) مثاله : حديث " إنما الأعمال بالنيات " تفرد به عمر بن الخطاب رضي الله عنه : هذا وقد يستمر التفرد إلى آخر السند وقد يرويه عن ذلك المتفرد عدد من الرواة
ب- الغريب النسبي: أو الفرد النسبي.
1) تعريفه: هو ما كانت الغرابة في أثناء سنده أي أن يرويه أكثر من راو في أصل سنده ثم ينفرد بروايته راو واحد عن أولئك الرواة.
2) مثاله : حديث " مالك عن الزهري عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم دخل مكة وعلى رأسه المِغْفَر " . تفرد به مالك عن الزهري .
3- سبب التسمية: وسمى هذا القسم بـ " الغريب النسبي" لأن التفرد وقع فيه بالنسبة إلى شخص معين .
من أنواع الغريب النَّسْبي :
هناك أنواع من الغرابة أو التفرد يمكن اعتبارها من الغريب النسبي ، لأن الغرابة فيها ليست مطلقة وإنما حصلت الغرابة فيها بالنسبة إلى شيء معين ، وهذه الأنواع هي :
أ-تفرد ثقة برواية الحديث : كقولهم : لم يروه ثقة إلا فلان .
ب- تفرد راو معين عن راو معين: كقولهم: " تفرد به فلان عن فلان " وإن كان مروياً من وجوه أخرى عن غيره.
جـ- تفرد أهل بلد أو أهل جهة: كقولهم " تفرد به أهل مكة أو أهل الشام"
د- تفرد أهل بلد أو جهة عن أهل بلد أو جهة أخرى: كقولهم: " تفرد به أهل البصرة عن أهل المدينة، أو تفرد به أهل الشام عن أهل الحجاز"3
تقسيم آخر له :
قسم العلماء الغريب من حيث غرابة السند أو المتن إلى:
أ) غريب متناً وإسنادا : وهو الحديث الذي تفرد برواية متنه راو واحد .
ب) غريب إسنادا لا متناً : كحديث روى مَتْنَه جماعة من الصحابة ، انفرد واحد بروايته عن صحابي آخر . وفيه يقول الترمذي : " غريب من هذا الوجه " .
من مظان الغريب :
أي مكان وجود أمثلة كثيرة له.
أ-مٌسْنَد البَزَّار .
ب-المٌعْجَم الأوسط للطبراني .
أشهر المصنفات فيه :
أ) غرائب مالك للدارقطني .
ب) الأفرْاد للدارقطني أيضا .
ج) السنن التي تفرد بكل سنة منها أهل بلدة لأبي داود السجستاني .
ـ تقسيم خبر الآحاد بالنسبة إلى قوته وضعفه -
ينقسم خبر الآحاد من مشهور وعزيز وغريب ـ بالنسبة إلى قوته وضعفه إلى قسمين وهما:
أ-مقبول: وهو ما تَرَجَّح صِدْقٌ المٌخْبِرِ به،
وحكمه: وجوب الاحتجاج والعمل به
ب- مردود : وهو ما لم يَتَرَجَّح صِدق المٌخْبِرِ به ،
وحكمه : أنه لا يحتج به ولا يجب العمل به ،
( أى أنه كون الحديث له طريق واحد أو إثنان أو ثلاثه لايعنى إبتداء أنه صحيح ولا يعنى أنه مردود إلا بعد البحث فى أسباب صحته أو رده )
ولكل من المقبول والمردود أقسام وتفاصيل ستٌذكر في فصلين مستقلين إن شاء الله تعالى
إلى الدرس الرابع بعون الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق