مقال كتبته بعد تعيين نائبا لرئيس الجمهورية فى 8 فبراير 2011
العجب فى تحليل يوم الغضب
أولا : هذه الثورة التى قام بها الشعب المصرى ثورة أصح ما يمكن أن يطلق عليها أنها كانت ثورة للتنفيس عن الغل والغضب الكامن فى نفوس هذا الشعب تجاه قياداته الفاشلة . و لم يكن لها مخطط تجاه نظام الحكم بسبب عدم وجود قيادة لها لتقودهذه الجموع إلى إقصاء الحاكم وبطانته . وكان المؤهل لقيادة مثل هذه الثورة هم الإخوان المسلمون ولكن وجودهم فى القيادة سيكون نقطة ضعف لها ,
ثانيا : أثبتت الثورة أن حكام هذا البلد المنكوب عندهم قدرة على التخطيط .. لكن لمصلحتهم هم, ويتضح ذلك عندما عمد رئيس الدولة إلى القضاء على كل الكوادر السياسية التى يمكن أن يلتف حولها الناس فى أى وقت فأصبحت الساحة فارغة لهم وليس هناك من يمكن أن يلتف عليه الناس .
من ناحية أخرى تم التخطيط لقطع خطوط الإتصالات ومنها النت والهواتف النقالة والتليفونات الأرضية والكهرباء فى بعض المناطق ثم سحب قوات الشرطة من الشوارع وفتح السجون وإطلاق السجناء وتسليحهم وترك البلاد للنهب والسلب ثم فرض حظر التجول وكل هذه القرارات لمصلحتهم فقط رغم أنها تضر الشعب لايهم .
ثالثا : خروج المتظاهرين عن الخط السلمى الذى كان مرسوما لهم فى المنادات السلمية بإسقاط النظام الفاسد نتيجة إعتداءات الشرطة عليهم مما جعلهم فى أغلب المحافظات إلى إحراق مقار الحزن الوطنى ومراكز الشرطة ومباحث أمن الدولة فمقار الحزن الوطنى ومقار أقسام الشرطة رمزان للفساد فى مصر .عند رؤيتهما يغلى الدم فى عروقك فمقار الحزب الوطنى رمزا للفساد بجميع أنواعه سواء كان السياسى أو الإجتماعى أو الإقتصادى , ومقار مركز الشرطة ومباحث أمن الدولة رمزا للقهر والظلم والذل والمهانة بجميع أشكالها أيضا .
رابعا : أعمال العنف التى تمت لم تكن لتتم لولا تدخل الشرطة بعنف فزاد من همّ الناس وقهرهم فشجعهم على الإنتقام منهم رغم أن إفراد الشرطة الغلابة لا ذنب لهم . حيث أنهم مكبلين بتعليمات رؤسائهم الذين يقبعون خلف الصفوف وقد مكثوا عدة أيام وليالى دون نوم لأن النظام لم يضع فى حسبانه ثورة شاملة بهذا الحجم الشعبى الجارف فلم يستعد بتجنيد أعداد لمواجهة ذلك الغضب وإنما استعد يشراء ذمم قادة الشرطة .
خامسا : رغم أن هذه الثورة قد أدت إلى خسائر مادية كبيرة لكنها لا تضر الشعب كثيرا حيث أن هذه الأموال لايستفيد منها الشعب . فخسائر البورصة وترميم مبانى الحزب الوطنى وأقسام الشرطة ومباحث أمن الدولة لا تنقص من أموال الشعب شيئا حيث أن حكام البلاد يستأثرون بأموال الشعب لأنفسهم كما أن ذهاب هذه الوجوه العكرة من رموز الحزب الوطنى الفاسد مكسب للشعب لا يدانيه أية خسارة مادية .
سادسة : أثبتت هذه الثورة أن الشعب المصرى حين يغضب وتكون له قيادة لثورته فلن يقف أمامها أحد حتى الشرطة أو الجيش لأن الشرطة والجيش أنفسهم يعانون من القهر والفقر والفساد باستثناء قياداتهم لكن حين تعم الثورة المنظمة يوما ما ستنحاز جموع الشرطة والجيش مع الشعب .
سابعا : هذه الثورة أماتت الخوف من قلوب المصريين الذى كانوا متميزين بالجبن فى مواجهة الأنظمة الفاسدة ومن جهة أخرى أثبتت هشاشة النظام الحاكم واختفاء المنافقين والوصوليين من منتفعى الحزب الوطنى وصحافى الصحف الخاصة بالنظام المسماة بالقومية الذين اختفوا الآن استعدادا لتلوين أنفسهم بما يتناسب مع المرحلة القادمة..وأرجعت لمصر شبابها الذى حطمه الحاكم البغيض والحزب الممقوت .
ثامنا : تميزت هذه الثورة بعدم انتمائها لجماعة معية أو حزب معين أو ديانة معينة أو فئة معينة بل كانت تتكلم باسم الشعب وكان أغلب شعاراتهم
( الشعب يريد إسقاط النظام ) كما أن الذى ألهب نارها هم الشباب لذا فمستقبلها آت
تاسعا : قطع خطوط الإتصال وحظر التجول وقطع التيار الكهربى وقيام بعض بلطجية الحزب الحاكم بتحطيم سيارات المواطنين أثر سئ فى نفوس الناس وزيادة حنقهم على النظام المهترئ وتسبب فى نزول كل الشعب إلى الشارع .
عاشرأ : أثبتت الثورة جبن هؤلاء الفاسدين بدأ بكبيرهم ومرورا بالوزراء ورؤوس الفساد فى الحزب الوطنى تلك الرموز التى أفسدت البلاد . كلهم اختفوا عن الأنظار بعد أن كانوا يصدعون أدمغتنا بكلامهم الساذج وعنجهيتهم التى اكتسبوها من جبن هذا الشعب فى السابق .
حادى عشر : زلزلت الثورة قلوب الفئة الفاسدة الحاكمة وذاقوا القهر لعدة أيام بعد أن أذاقوه للشعب عدة سنين فأصبحت تصريحاتهم مرتعشة مترددة بين عنجهية السلطة والرعب من الثورة كتصريح صفوت الشريف وخطاب مبارك بعد الأحداث ..
ثانى عشر : لم يعد الناس يهتمون بالإعلام الحكومى الذى يكذب ولا يتجمل . وعندما تصاعدت حدة الثورة خرج التليفزيون المصرى بأخبار تفيد سيطرة الشرطة على الثورة بينما الواقع غير ذلك . وأرادوا أن ينسبوا الثورة لجماعة الإخوان المسلمين . و أرادوا أن يظهروا أن جماعة الإخوان المسلمين وراء الأحداث ليخاف الشعب وينفضوا عن التظاهر لكنه رفض وانسحب .
ثالث عشر : خروج فئات من الشعب مع الثورة ممن لا يمكن تخيل خروجهم مطلقا من كبار السن والنساء العجائز لأن النظام لم يستثن بيتا واحدا من عامة الشعب إلا أصابه بسهام القهر والظلم والفقر .
رابع عشر : أثبتت الثورة أن دعاوى النظام التى صدقها النصارى وبعض المسلمين وهى أن المسلمين هم من فجر كنيسة النصارى فى الإسكندرية . ولكن حينما عمت الفوضى البلاد وأحرقت رموز الفساد من مبانى الحزب الوطنى ومراكز الشرطة وسلخانات مباحث أمن الدولة لم يتجه أحد مطلقا إلى حرق الكنائس وقام المسلمون والجماعات الإسلامية بحماية الكنيسة
خامس عشر : من المؤسف أن هذه الثورة ليس لها راعى فهى شعبية بلا قيادة وهذه ثغرة قاتلة .
فلو إفترضنا جدلا أن مبارك تنحى من الذى سيمسك بزمام البلاد لا يوجد أحد مؤهل لذلك . فالبدائل غير مضمونه والغريب أن تقوم الثورة ويذهب ضحيتها مئات من الضحايا وآلاف من الجرحى
دون أن يجنى الشغب ثمارها
سادس عشر : إقالة الرئيس المصرى للحكومة سذاجة من رئيس عنيد تسيطر عليه الهنجهية , فليس السبب فى كل ما نحن فيه تشكيل الحكومة بل الدكتاتور الذى تنفذ الحكومة تعليماته كما هو معروف .
سابع عشر : قرار حظر التجول الذى أصدره الحاكم العسكرى مبارك
لم يتم تنفيذه ولأول مرة فى تاريخ مصر حيث أن الشرطة أنهكت من
مدة الخدمة المتواصلة . بجانب عدم قناعتهم بمواجهة الشعب وخاصة
وهم مقهورون ومغلوبون على أمرهم أيضا بجانب حل الحكومة واحتمال خروج وزير الداخلية كما أن الجيش لم يدرب على مثل هذه الحالات فلم ينحز للنظام ولم يبطش بالناس لأن الجيش لحماية البلاد والعباد أما الشرطة فقد كانت لحماية الحاكم .
ثامن عشر : قطع النت والإتصالات ماذا نتج عنه ؟؟
عدم جلوس الشباب أمام النت ونزولهم فى الشوارع وهذه نقطة تدل على سذاجة النظام.وبذلك ساهم قطع النت فى التواجد المكثف للشباب فى المظاهرات.
ثم ماذا كان يمكن أن يحدث الإتصال بالنت أكثر مما حدث من الزخم والكثرة فى أعداد المتظاهرين .
تاسع عشر :مازال رأس النظام يتمسك بكرسى الحكم وأخذ يتخذ إجراءات رغما عن نفسه وهواه وهو العنيد الذى لايلين . فعين نائبا له وأصدر قرارا بتشكيل الوزارة وذلك فى محاولة ساذجة للضحك على الشعب فإن العلة الرئيسية فى وجود هذا الرأس العنيد على رأس نظام إستمد الفساد من تعليماته السيئة . وأفكارة البالية .
عشرون :إن من يتشدقون بالخراب والنهب والسلب لا يعرفون أن خروج الطاغية العنيد مكسبا دونه المال والنفس . فقد أفسد كل شئ ولم يهتم إلا بالمبانى والمشاريع الفاشلة التى تظهر فى التصوير وحطم النفوس وكمم الأفواه ونشر الرعب بين الناس عن طريق زبانيته فى الشرطة التى أنفق عليها ما لا يعد ولا يحصى وقضى على العدل ونشر الفساد والإفساد فى كل ربوع البلاد ولكن الله غالب على أمره
واحد وعشرون : ظاهرة غريبة وعجيبة وهى خلو المقاهى من آلاف الشباب العاطلين وانخراطهم فى الثورة وكانوا جنودا فى الليل يحرسون الشوارع والممتلكات العامه والخاصه .
اثنان وعشرون : هيبة الدولة .. كلمة حق أريد بها باطل فإن المقصود دائما بهيبة الدولة هو هيبة النظام وهيبة الحاكم فقط ومنها وجدت مباحث أم الدولة التى يسميها الناس أمن الحاكم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق