قبل
خروج منظمات «حقوق المرأة» إلى النور، وقبل استحداث الوظائف النسائية مثل
المضيفات الجوية، توحدت المرأة المصرية في بعض الأعمال التي أجادتها تمام
الإجادة في عصور قديمة، واستطاعت من خلالها أن تعاون رب البيت على متطلبات
الحياة.
من بين تلك المهن التي
زاولتها المرأة المصرية منذ قديم الزمان، وعاب المجتمع اشتغال المرأة
ببعضها مثل «الزينة» و«التعديد»، ورغم ذلك كان صوت المرأة حاضرًا، يدافع عن
حقها في السعي، ويؤكد أن «ما عيب إلا العيب».
ويرصد المصري لايت في هذا التقرير 6 مهن أتقنتها المرأة المصرية.6. «المعددة»
هي السيدة التي تواظب على حضور المآتم، فترثي الموتى بعبارات الأسى، تكررها الحاضرات مع أصوات ممزوجة بالنحيب. وجرت العادة على أن يقوم أهل المتوفي باستئجار «الندّابة» أثناء تشييع الميت، ليكون صوتها هو الأوحد في جو الجنازات؛ لتذكرة الناس بمحاسن الفقيد، وهناك من حملن على أنفسهن رثاء الجميع دون أجر، لأغراض تتعلق بـ«المجاملة» أحيانًا، وأخرى برغبة حبيسة في الصراخ وحسب.
وتعرف «المعددة» مواويل كثيرة، تستدعيها أوقات اللزوم، فتأتي معبرة عن مختلجات صدور أهالي الفقيد، ومن أشهر عباراتها في الندب على الشاب: «من يوم فراقك والشاي فارق دارنا وبطلنا.. شايك مع الحفار شيعناه.. يا قبر جايلك شاب زين.. خايل في لف العمامة.. عشان خاطر نبينا الزين يا رب تغفر له خطاياه». وللصبية عبارات أخرى: «يا عود طري واتلوى.. ميّل ومال ع الأرض.. امبارح كان وسطنا.. والليلة تحت الأرض.. يا قبر جايلك عروسة محنية الكفوف والكعب.. خدت معاها الهنا وسابت وجع القلب».
واستطاعت «المعددة» أن تجابه الأيام، فصمدت أمام التطور الثقافي والعادات الدخيلة على إحياء المآتم، وإن كان تواجدها الآن قاصرًا على الأحياء الشعبية والريفية، أما أبناء «الندابة» فيلقون كل العنت، حيث يكون عمود الإهانة للولد أن يقول له قرين: «يا ابن الندابة».
5. «العرافة»
اشتهرت «العرافة» بملابسها البدوية الفضفاضة، وكانت تجوب الشوارع لقراءة الكف للعشاق والمتخوفين من المستقبل، واستهلت «العرافة» أيامها بعبارات «أبيّن زين أبيّن وأوشوش الودع.. مرة لشابة ومرة لجدع.. اقرأ الكفوف قرب وشوف.. حتسمع حكاوى بطعم الوجع»، فإذا ما أقدم عليها مريد وشوشت أصدافها لـ«بيان الطالع»، وكانت تقوم بذلك مقابل أجر بسيط تتحصل عليه بالنقد أو بمساعدات عينية.
وبمرور الزمن تطور شكل العرافات، وأصبحن يترددن إلى البيوت لقراءة الفنجان، ثم تطور نشاطهن إلى «بيان الطالع» بفتح ورق الكوتشينة، وهي مهنة قديمة تراجعت مؤخرًا بشكل كبير ليحل محلها علم الأبراج.
4. «الخاطبة»
تمتعت «الخاطبة» بعلاقات اجتماعية متعددة، وكانت على علم بجميع الفتيات اللاتي يبحثن عن شريك الحياة وكذلك الشباب، واحتفظت «الخاطبة» بـ«ألبوم صور» للفتيان والفتيات على اختلاف مستوياتهم، فإن قصدها شاب طالبًا للزواج قدمت له من تراها مناسبة، معددة له مزاياها وصفاتها المحمودة، وقامت أيضًا بتحديد ميعاد المقابلة بين الطرفين إذا وفق القدر بينهما، وحرصت «الخاطبة» أيضًا على تزويج المطلقات والأرامل من خلال شبكتها الاجتماعية الضخمة، وعند إتمام الزواج كانت تتلقى «حلاوتها» إلى جانب أجرها في «توفيق رأسين في الحلال».
ولا تزال مهنة الخاطبة قائمة إلى الآن، لكنها تتمتع بطقوس جديدة نسبيًا، كما توجد شركات صغيرة تمتهن الوظيفة على نطاق واسع.
3. «الحفافة»
هي السيدة التي يقصدها النساء لزوم ما يعرف حديثًا بالـ«ميك أب»، وإن كانت «الحفافة» لا تفضل أن يطلق عليها المجتمع ذلك الاسم، لكن وفي المعتاد ينصب عملها في زيارة النساء في بيوتهن وفقًا لميعاد محدد سلفًا، فتقضي إليهن حوائجهن مقابل أجر بسيط نسبيًا يساعدها في إيجاد «اللقمة»، ويرجع تفضيل النساء لـ«الحفافة» إلى قلة أجرها مقارنة بصالونات التجميل.
وجرت العادة في المجتمعات الشعبية على التحقير من «الحفافة»، معتقدين أنها مهنة الساقطات والفاشلات، في حين ترى «الحفافة» أن مهنتها ليست عيبًا معتمدة في ذلك على قولها الراسخ «ما عيب إلا العيب».
وشهدت المهنة مؤخرًا تراجعًا ملحوظًا مع انتشار مراكز وصالونات التجميل في مختلف التجمعات والأحياء الشعبية.
2. «الداية»
هي المرأة التي تمتهن توليد النساء، وتقديم الرعاية لهن قبل وأثناء وبعد الولادة، واستطاعت بخبرتها في أحيان كثيرة أن تحدد ميعاد الولادة، ونوع المولود بالاستغناء عن الوسائل الطبية الحديثة، وتراجعت المهنة بشكل كبير، لكنها ما زالت تمارس في الأماكن المتسمة بانخفاض الوعي والخدمات الطبية.
واعتادت «الداية» أن تطلب خروج الزوج من المنزل لدى قيامها بتوليد زوجته؛ لأن وجوده «يعتبر من الأمور المعيبة والشؤم في ذلك الوقت»، وكانت تستعين بإحدى قريبات الأم لتقديم ما يلزم أثناء عملية الولادة.
1. «الخياطة»
واجهت الزوجة المصرية ظروف الحياة الشاقة في كثير من الأوقات بماكينة خياطة صغيرة، غالبًا ما كانت تبتاعها بالتقسيط، ويعهد إليها بتفصيل بعض الأعمال لسيدات الحي مقابل أجر بسيط ساعدها لأوقات كثيرة في تلبية احتياجات بيتها، وتقوم «الخياطة» أيضًا بـ«ترقيع» الملابس البالية لأبناء الحي، وهي مهنة قديمة ومنتشرة على نطاق واسع في المناطق الشعبية والريفية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق