الاثنين، 22 أبريل 2013

من التراث



قاموس مفردات التراث الشعبي الفلسطيني
توارثت الأجيال جيلا بعد جيلا ألفاظا عن الآباء والأجداد لمسميات، اصطلحوا على إطلاقها على كل ما كانوا يستخدمونه في حياتهم المعيشية، من ادوات او لوازم منزلية - كالأثاث، والفرش، والثياب، والطهي، والطعام، والشراب، والإنارة، او ادوات ومعدات ولوازم زراعية - كالحراثة، والزراعة، والسقاية، والنقل، وعدد الحيوانات وجني المحاصيل وتخزين الحبوب...وغيرها، فعرفناها عنهم بهذه المسميات، والتي تُعد إرثاً لنا ورمزا لتواصل الاجيال القادمة مع الآباء والأجداد، وتخليداً لآثار تلك الحضارة العريقة، التي أقاموها على ارض فلسطين.
أن الغاية من اعداد قاموس المسميات والمفردات التراثية هو جمع وتسجيل وتوثيق وحفظ كل المسميات للأدوات والاشياء التراثية، التي استعملت في الماضي، ولكن اندثر الكثير منها، واصبح في طيّ النسيان، والبعض الآخر لا يزال قيد الاستعمال، لكنه في الطريق الى الزوال، بسبب التطور الحضاري الكبير والتقدم التكنولوجي السريع الذي شهدته الحياة العصرية، منذ فجر السبعينات من القرن الماضي، الى يومنا الحاضر، والذي أدى إلى تطور كبير في استخدام الادوات الوسائل والأجهزة والآلات الحديثة، التي حلّت محل الأدوات القديمة، وأقصتها عن مسرح الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وأصبحت في طيّ النسيان، لكن ذكراها بقيت خالدة في أذهان من عاصروها،  وعاشوا معها في ربيع عمرها وأوج مجدها.
وحتى لا يبقى الماضي أسير ذاكرة من عاصروه، قمنا بجمع وتوثيق وتسجيل مسميات الأدوات التراثية الشعبية، مع شرح مفصل عنها، وعن أشكالها وأوصافها وأنواعها المختلفة، ومحاولة توفير صور عنها، ما وجدنا إلى ذلك سبيلا..
لقد مضى ذلك الزمن الجميل، الذي كانت القرية كلها تستيقظ فيه على صياح الديكة وأصوات زقزقة العصافير، وتنام على هدهدة أم لطفلها، وسماع حكايات جميلة من الجدات، وعلى ضوء سراج خافت، او شعاع  قمر يطل من عليائه، ناشراً في أرجاء القرية الحب والصفاء والحنان.
وليعلم أبناء اليوم إن الرفاهية والرخاء التي يعيشونها هذه الأيام، لم يهبطا فجأة من عالم آخر، وإنما كانت ثمرة إبداع وتعب وعناء وعرق وشقاء آبائهم وأجدادهم وأسلافهم، فمن لا ماضي له.. لا حاضر له.. ولا مستقبل.
الأدوات واللوازم المنزلية
الكربال او الكربالة،

من انواع الغرابيل ولكنها تحتوي على فتحات أكثر اتساعا من فتحات الغربال. وتسمح الكربالة من خلال فتحاتها بنفاذ الحبوب والأتربة والحصى الصغيرة، بينما تحتفظ بالشوائب الأكبر، كالحصى والقصل.
والكربالة، والمسرد، والغربال، كل منها مكون من إطار خشبي يبلغ عرضه حوالي عشرة سنتمترات وسماكته 1 سم، ملتف بشكل دائري ليشكل إطاراً دائريا بقطر يزيد عن نصف المتر، مزوداً من الأسفل بثقوب، تمرر من هذه الثقوب خيوط من أمعاء الاغنام المجففة، تنسج وتتقاطع داخل الإطار لتشكل بتقاطعها مع بعضها فتحات صغيرة، التي تكون أكثر اتساعاً في الكربالة وأصغر في المسرد، ثم أصغر في الغربال.
الكربالة (غربال خشن)







المسرد
من انواع الغرابيل، لكن فتحاته اوسع واكبر من فتحات الغربال، يستخدم غالباً لفصل الحبوب عن التبن والقصل، حيث يسمح من خلال فتحاته للحب بالنزول، بينما يحتفظ بالمواد والشوائب الكبيرة، ويتم القائها جانباً.
المسرد (غربال وسط)



الغربال الناعم
يستخدم الغربال لتنقية الحبوب من الشوائب والعوالق والغبار والحصى الصغيرة، وهو عبارة عن طارة خشبية دائرية مغطّاة بشبكة ذات فتحات صغيرة، تصنع خيوطها من امعاء الخراف المجففة، وتكون فتحاته قريبة من بعضها بحيث تسمح للمواد الناعمة كالتراب والحصى الصغيرة وحبوب النباتات البرية والزوان بالنزول منها، لتكون طعاما للدجاج والطيور، بينما تحتفظ بالحب والشوائب الكبيرة، ليتم فصلها وإبعادها باليد.
الغربال (غربال ناعم)



منخل الطحين
يستعمل لنخل الطحين قبل عجنه لفصل النخالة والشوائب عنه. وهو عبارة عن  إطار خشبي مستدير بعرض نحو 10سم، وقطر 30سم، يثبت في اسفله شبكة من السلك المعدني الرفيع منسوج بدقة،أو قماشة من الحرير , يستخدم لتخليص الطحين وتنقيته من الشوائب. وتكون ثقوبه وفتحاته متقاربة كثيرا، بحيث لا ينفذ منها الا الدقيق الناعم فقط، أما ما خشن من الدقيق والقشور، وهي النخالة فإنها فتبقى فيه، وتلقى للدجاج او الحمام. وللمنخل عدة قياسات وأحجام. يصنع حاليا من البلاستيك والمعدن.
منخل الطحين




السبتة، سلة البوص
وعاء يصنع من عيدان البوص ولها قاعدة دائرية بقطر 15 سم وفتحة علوية تصل الى نصف متر، تستعمل لحمل الخضار والفواكه واللحمة عند شرائها من السوق، وتكون على عدة احجام واشكال مختلفة.

اواني منزلية
الـزيـر
كلمة زير محرّفة من الكلمة التركية آزير، وتعني قِدر الماء الكبير. وكان الزير بديلا مميزا للثلاجة الحالية، بل ان طعم الماء فيه أطيب من كل أنواع المياه الصحية، التي تباع في المحلات التجارية. كيف لا وهو من مصنوع من الفخار الذي يمتص كل السموم في الماء، ليعطينا إياه ماءً صحيا باردا نظيفا صافياً نقيا خاليا من الكلس والشوائب، التي قد تعلق فيه، خلال جريانه في انابيب المياه  حتى يصل الى البيوت.
والزير عبارة عن إناء كبير من الفخار، وهو مخصص لتخزين ماء الشرب وتبريده. له باب واسع ، ويكون اكثر اتساعا في الوسط، ويضيق من الأسفل. وهو على أحجام واشكال مختلفة، يصل ارتفاع الكبير منه الى اكثر من متر سم، وقطره من الوسط  نحو 60 سم. وله فوهة واسعة بقطر 25سم. وعلى خلاف الإبريق والشربة التي توضع عادة على شباك الغرفة، فان الزير عادة يوضع في قاع البيت أو تحت ظلال الأشجار، لتعريضه لأكبر قدر ممكن من الرياح.
وتعتمد ميكانيكية تبريد الماء على خاصية جدران الزير على إنفاذ الماء من خلال المسامات الدقيقة. فضغط الماء على السطح الداخلي لجسم الزير، يجعله يتسرب داخل مسام الجدران، التي تسمح بنفاذ الماء إلى الخارج، وهناك يتحرر بحكم أن الضغط في الخارج أقل، وهو يساوي الضغط الجوي، بينما الضغط داخل الزير يساوي الضغط الجوي، بالإضافة الى ضغط  كتلة الماء على الجدران.
وعندما يخرج الماء الى السطح الخارجي للزير، يتبخر بتأثير الرياح ويصحبه امتصاص كمية من الحرارة من جدار الزير الخارجي، لأنه بحاجة إلى طاقة كي يتبخر، مما يؤدي الى انخفاض درجة حرارة جدار الزير، وبالتالي تنخفض حرارة الماء الملاصق لجدار الزير الداخلي. وباستمرار عملية الرشح والتبخر يؤدي ذلك إلى انخفاض حرارة الماء داخل الزير. وكان بعض الناس يلفون حوله أكياس الخيش المبللة بالماء ليظل باردا. وقد يوضع الزير على قاعدة او حامل من الخشب لزيادة مساحة الارتكاز.
ويوضع فوق فوهة الزير غطاء عبارة عن قطعة مدورة من الفخار أو الخشب، عليها كيلة او طاسة من الفخار أو الصيني لغرف الماء من الزير والشرب بها


الطاسة لشرب الماء من الزير



الجرّة
إناء واسع مصنوع من الفخار، له عنق ضيق، وبطن واسع، وعروتان كبيرتان. تشبه الجرة الى حدٍ ما حبة اليقطين، وتستخدم لحفظ وتبريد الماء في فصل الصيف، وتتسع لنحو عشرين لترا من الماء. ومن ميزاتها أنها مسامية وترشح، وتبرد بتبخر الماء عن جدرانها.




 تستعمل الجرة لنقل الماء من البئر، وكانت تحملها النساء فوق رؤوسهن، وتحتها المدورة. كما كانت تستخدم الجرار في حفظ الزيت. وتسمى الجرة الصغيرة "عسلية".

والمدورة 


عبارة عن قطعة من القماش تطوى بشكل لولبي وتلف بشكل دائري، توضع على ألرأس لتحمل عليها الأشياء الثقيلة، مثل جرار الماء، وحجر الرحى، وحزمة الحطب، وفرش الخبز.. وغيره. وتساعد المدورة على زيادة مساحة الارتكاز للأشياء المحمولة، والحؤول دون احتكاكها بجلدة الرأس، وإصابته بالأذى.

الجرّة



العسليّة
تشبه الجرة، لكنها اصغر حجما منها، وتستخدم لنفس الأغراض التي تستخدم لها الجرّة.
عسلية
 
 


ابريق الفخار
اناء لشرب الماء يصنع من الفخار، يتسع من الوسط ويضيق من الأعلى والأسفل، له فتحة من الاعلى يوضع منها الماء وهي فوهة الابريق، وعروة جانبية تسمى ذان الإبريق للامساك بالابرق عن الشرب، يقابلها بعبوزة، وهي فتحة صغيرة مدببة للشرب منها. يوضع الإبريق على الشباك داخل الغرفة، وتبقى مياهه باردة في الأيام الحارة. 
كما كان يستخدم إبريق الفخار للوضوء، قبل ان يظهر الإبريق المصنوع من التنك او البلاستيك.
ويتم شرب الماء من الابريق بالزغللة، اي بان تكون بعبوزة الابريق بعيدة قليلا عن الفم عند الشرب، ولا يوضع الفم على بعبوزة الابريق مباشرة، الا اذا كان لا يستخدم الابريق الا شخص واحد، اما اذا كان يشرب من الابريق اكثر من شخص، فيكره وضع الفم على بعبوزة الإبريق عند الشرب.
ويسمى إبريق الفخار الكبير "كراز" او تشراز، وهو أضخم من الإبريق العادي بمرتين، والإبريق الصغير "كعكوز" او تشعتشوز، وحجمه يساوي اقل من نصف حجم الإبريق العادي، وكان يستخدمه الاطفال للشرب منه، لخفة وزنه.
ابريق الفخار
 








كرّاز او تُشرّاز
هو ابريق الفخار الكبير، ويتسع لحوالي 3-4 لتر.
كُـرّاز او تشرّاز
 









كعكوز او تشعتشوز
وهو اصغر أحجام أباريق الفخار مخصص لشرب الأطفال، ومنه ما يكون ُمخطط وملون
كعكوز
 




الشربة
تصنع من الفخار وتكون بيضاوية الشكل وهي اقل حجماً من الجرة، ولكنها تمتاز بعنق طويل ينتهي بفوهة، لتسهيل حملها عند الشرب منها. وتختلف الشربة عن ابريق الفخار في عدم وجود عروة لها ولا بعبوزة للشرب، كما لإبريق الفخار، وانما يتم الشرب منها من خلال الفوهة. وتستخدم الشربة لحفظ وتبريد الماء، وعادة ما توضع على الشباك داخل الغرف
الشربة








كركوم
ابريق ماء مصنوع من الفخار يطلق عليه اسم الكركوم عندما تنكسر اذنيه او رقبته ابو بعبوزته
الكركوم او القرقوم
 







بعد ربط قلقيلية بشبكة الكهرباء عام 1964، وتحسن احوال الناس المعيشية يعد فتح دول الخليج العربي أبواب العمل للفلسطينيين، ومع انتشار تجارة المستعمل بعد الاحتلال الإسرائيلي عام 1967م، أصبحت كل أسرة قادرة على شراء ثلاجة كهربائية، واستعملت القناني البلاستيكية الشفافة، بدلا من الأباريق، واختفت أواني الشرب الفخارية نهائيا من بيوت قلقيلية، منذ بداية السبعينات من القرن الماضي، وأصبحت مجرد قطعة تراثية من مخلفات الماضي الجميل.
***
طاسة الرعبة
احدى الموروثات الشعبية التي عُرفت في قلقيلية قديما، وكانت جزءاً من ممارسات الطب الشعبي القديم، استخدمتها الجدات لمساعدة الأطفال والنساء على التخلص من القلق والخوف والرعب الذي يعتريهم، لإيمانهن القاطع أن الماء الذي يلامس كلام الله سيذهب عن شاربه القلق والخوف، ويدخل الراحة والسكينة لقلبه، ويزيل عنه الاضطرابات النفسية، التي يعاني منها، جراء تعرضه لحالات مفاجئة وغير سارة.
والطاسة عبارة عن اناء نحاسي او فضي مستدير ومقعر وبحجم كف اليد، مزركش من سطحه الخارج برسومات لبيوت الله وخاصة بيت الله الحرام، وبعض الزخارف الإسلامية، بينما نقشت على جوانبه من الداخل آية الكرسي، وبعض اسماء الله الحسنى. وكان الحجاج يجلبونه معهم من بلاد الحجاز، ويقدموه كهدية لأقربائهم وجيرانهم، مع سجدات الصلاة والمسابح، والطواقي الأطفال.
وكانت طاسة الرعبة موجودة في معظم بيوت قلقيلية، يستعملها أهلها عند الحاجة إليها. وعند عدم توفر الطاسة في بيت من البيوت، كان يسارع أهله لاستعارتها من جيرانهم، عند إصابة أحد أفراد البيت بالرعب أو الخوف الشديد. يوضع فيها مقدار محدد من الماء، ويُسقى منها الخائف بعد التسمية، اي قول بسم الله. وكان عليه أن يشرب كل محتواها من الماء، لأن الماء الذي بداخلها لامس كلام الله ولا يجوز رميه. ويمكن أن يمسح  بقليل من الماء على وجهه.
وكانت طاسة الرعبة تعطي الشخص إيحاءاً بان شربه للماء المبارك الذي لامس كلام الله، سيذهب عنه القلق والخوف، ويسكّن من روعه. والاعتقاد بقدرتها على الشفاء يزيد من فعالية العلاج، وهذا أمر نفسي له علاقة مباشرة بقناعات المريض، وثقافته وطريقة تفكيره.
كان الخوف قديما أحد أبرز الأمراض النفسية التي كان يعاني منها الأطفال والنساء، وذلك لعدة أسباب، منها عدم وجود كهرباء في قلقيلية حتى عام 1964م، لا في البيوت ولا في الشوارع، فكانت الناس تعيش في ظلمة حالكة طوال الليل، وخاصة خلال فصل الشتاء، إضافة إلى ذلك كان المصدر الرئيسي للتسلية قديماً هي خُرّفيّات (حكايات) الجدات التي كانت ترويها للأحفاد، عن الوحوش والأشباح والضباع والغوالي، وابو رجل مسلوخة، والأفاعي الضخمة التي تبلع الأطفال، وما الى ذلك من مخترعات من نسج الخيال، خاصة إذا ما اقترنت حينها بأجواء المطر والظلام الدامس، فكان يدب الرعب والخوف في قلوب الاطفال، ويخشون من الخروج ليلا خاصة في الشتاء، وإذا خرجوا ليلا يتصورون في كل خطوة يمشونها في العتمة ان الأشباح تظهر أمامهم او تلاحقهم.
وقد يخاف الاطفال من النوم بمفردهم، أو الخروج من غرفة إلى أخرى، ويحلمون بها عند نومهم، فتتحول حياتهم إلى كوابيس مرعبة تسبب لهم القلق والخوف الدائم. فالطفل الذي كان يستيقظ من نومه مذعورا، او مرعوبا من نباح مفاجئ لكلب شارد، أو رؤيته لشيء ما في الليل، فيدب الرعب في قلبه، وتصبح طاسة الرعبة هي الملاذ لتعيد له الأمان والاطمئنان، وتزيل عنه آثار الخوف . من هنا كان لوجود طاسة الرعبة في البيت أهمية خاصة قديما.
وبعد ربط بيوت قلقيلية وشوارعها بشبكة الكهرباء المحلية عام 1964م، بدأت طاسة الرعبة تختفي تدريجيا من بيوت قلقيلية، ولم يعد يجلبها حجاج بيت الله الحرام وأصبح وجودها نادرا في البيوت، ولم يعد لهذه الممارسة الطبية القديمة وجوداً في يومنا الحاضر، حيث ازداد وعي الناس الديني والتعليمي، فلم يعد يوجد من يؤمن بأن شرب الماء من ذلك الإناء، يذهب الخوف والقلق من الصغار أو الكبار. ومع زيادة وعي الناس اصبحت طريقة علاج الخوف من خلال قراءة القران والرقية الشرعية، اكثر قبولا لدى غالبية الناس. فعندما يصرخ الطفل مرتعباً من أمر ما، تلجا الام الى الرقية او قراءة القران، وهي تضع يدها على راس الطفل او جبهته، فيهدئ من روعه ويشعره بالأمان.
 




النار والنور
الكانون او المنقل
استعمل الناس قديما الحطب لإيقاد النار للتدفئة والطهي في البيت، والحطب هو ما جفّ من زرع وعيدان شجر تُوقَدُ به النارُ. وكانت النار توقد في وعاء يسمى كانون او منقل، يصنع من الصلصال على شكل دائري، وذا قاعدة عريضة، وله نهايات بارزة من الاعلى لإمكان وضع آواني الطبخ عليها عند الحاجة، وصنع بعد ذلك من صفيح الحديد على شكل دائري وله ثلاثة قوائم، او على شكل مستطيل او مربع وله اربعة قوائم، يوضع فيه الحطب او الفحم، ويستخدم لشوي اللحم وطهي الطعام وإعداد القهوة والشاي، والتدفئة أيام الشتاء. وتشعل النار في الكانون خارج البيت، او في قاع الدار، وعندما يصبح الحطب او الفحم جمرا، ولا يصدر دخانا، يتم نقله إلى داخل البيت.
وكان كانون النار يشكل محور حياة ا?سرة الريفية، فحوله يجتمع أفرادها يتسامرون ويسهرون، وتحكي الجدة للأطفال حكايات طريفة عن الغولية والشاطر حسن، وغيرها من الحكايات الشعبية الشيّقة. وقبل النوم يتم اخراج الكانون الى مكان فيه تهوية، حتى لا يحدث تفحم للأسرة، والذي ينجم عن استنشاق ثاني أكسيد الكربون، المتولد عن حرق الحطب أو الفحم. ويقال ان اصل تسمية الموقد "كانون" تعود لشهر كانون القارص البرد، وتسميته بـ "منقل" تعود لإمكان نقله من مكان لآخر.
وكان الجفت - وهو ما يتبقى من ثمار الزيتون بعد عصرها - نيستخدم وقودا في الكانون. وكانت الافران البلدية حتى نهاية السبعينات من القرن الماضي تستعمل الجفت، الذي يحول بعد حرقه إلى ما يسمى بـ "الدق"، والذي شاع استعماله للتدفئة شتاءً في جميع بيوت قلقيلية. فكان اصحاب الافران بعد الانتهاء من الخبز، يخرجون الجفت المحترق من بيت النار، ويطفئونه برشه برذاذ الماء فيتحول إلى ذرات فحمية، ويترك حتى يبرد، ثم يباع للناس. وكان الناس يفضلون استخدام "الدق" على الفحم، لأنه لا يسبب تفحماً اذا أشعل داخل الغرفة، كما هو الحال في الفحم.
لقد انحسر استعمال الكانون كوسيلة للتدفئة في البيوت، بعد ظهور الدفايات الحديثة التي تستخدم الكاز والغاز كوقود، وازداد انحساره أكثر بعد ظهور دفايات الكهرباء ووسائل التدفئة المركزية. الا انه لا يزال يستعمل كوسيلة للتدفئة في العديد من البيوت في قلقيلية، وذلك بسبب غلاء أسعار الكهرباء والغاز، كما تستخدمه العائلات الميسورة لشوي اللحم والدجاج
كانون من الصلصال او الفخار
 


كانون دائري من الحديد
***
الطابون البلدي
الطابون هو العامود الفقري لكل بيت في القرية، ولم يكد يخلو بيت واحد في قلقيلية حتى نهاية سنوات الاربعينات من القرن الماضي من الطابون الذي يصنع فيه الخبز البلدي، الخبز الذي لا يزال أهل الريف الفلسطيني يتلذذون بمطعمه، ويتمسكون به رافضين الغزو التكنولوجي والخبز الأبيض.
الطابون البلدي
وكلمة طابون تطلق على المخبز وعلى الغرفة التي يوضع فيها في آن واحد. وغرفة الطابون عبارة عن بناء صغير من الحجارة العادية، مسقوف بعصي ضخمة من فروع الزيتون، وفوقها الطين لمنع تسرب مياه المطر، وله باب وليس له نوافذ بل طاقة وحيدة لتسريب القليل من الضوء، وفي وسط أرضية ذلك البناء تعمل حفرة غير عميقة، يوضع فيها قالب مصنوع من الطين الحوّر المخلوط بالقش، يسمى "قحف الطابون"، وهو عبارة عن وعاء دائري الشكل له قاعدة واسعة بقطر 80-100سم، وهي التي ترتكز على الارض، وله فتحة من الأعلى بحجم رغيف الخبز الكبير بقطر 40-50سم، بينما يكون عمقه أي ارتفاعه من القاعدة الى الفوهة نحو 40سم. ويترك لمدة طويلة حتى يجف، ثم يدفن قحف الطابون في الارض، ويبرز منه الفتحة فقط.
يوضع في قاع الطابون قدر كاف من "الرّظَفْْ"، وهي حجارة بازلتية سوداء ملساء، صغيرة ومستديرة، وتساعد الرظف على زيادة الحرارة، والمحافظة عليها لوقت أطول، بسبب توهجها البطيء، وعليها يوضع العجين، وينضج الخبز، وتظهر على الرغيف أشكال الرظف التي وضع عليها . واذا تعذر توفير الحجارة البازلتية، تستخدم بدلا من منها قطع فخاريه مكسروة.
الرظف - الحجارة البازلتية او القطع الفخارية
ويغطى باب الطابون ـ وهو الفتحة العلوية للقحف بغطاء معدني له مقبض، يمكن رفعه لإدخال الرغيف باليد، ثم إعادة الغطاء لحفظ الحرارة في الداخل ومنعها من التسرب للخارج، ولمنع دخول السناج والرماد او الاوساخ الى داخله.
غطاء الطابون
يستعمل الطابون للخبز والطهي- الصواني والقِدرِة،  والشوي- الدجاج والباذنجان والبطاطا والكستناء، والتحميص- حبوب القهوة.
يسمى تشغيل الطابون بـ "تدوير"، اما إخراج الخبز أو الصينية من الطابون يسمى "القلع".
صواني اللحم المشوية في الطابون
اما الوقود المستعمل للطابون فهو روث الحيوانات الجاف، أو الجفت وبقايا ورق الزيتون اليابس أو القصل (عيدان القمح الجافة) او خليط منها، توضع حول جوانب الطابون وفوق سطحه من الخارج، وتوقد عليه النار ويترك لمدة طويلة مغمورا تحت النار، حتى يصبح داخله حاميا جيدا، الى درجة يمكن ان ينضج معها العجين والمشاوي.. وغيرها، فتأتي المرأة "فتقحر بالمقحار" أي تزيل بلوحة خشبية ما على حافة الغطاء من سكن"رماد"، ثم تبدأ عملية الخبز.
والمقحار عبارة عن قطعة منبسطة من الخشب بعرض أصابع اليد وبطول 50سم، تستخدم في فرد أو تجميع الرماد الحار حول الطابون..
المقحار لرد الرماد او تجميعه حول الطابون
ومع مرور الزمن يتراكم حول قحف الطابون رماد تزيحه المراة بالمقحار لاضافة الزبل ثم تعيد الرماد الى مكانه بالمقحار ايضا، وتسمى هذه العملية "ترميد".
ويسمى تزويد الطابون يوميا بمواد الوقود بـ "تزبيل".ويـُزبـَّل الطابون مرتين في اليوم، عند الفجـر، وعند الغروب، حتى يظلّ حاميا.
***
خبز الطابون:
يعتبر خبز الطابون من اجود انواع الخبز، لكنهته الطيبة ورائحته الزكية. وتبدأ أولى مراحل الإعداد لهذا الخبز، بعملية التنخيل أي نخل الطحين البلدي ووضعه في الباطية او اللجن النحاسي، ويتم إضافة الملح والماء الفاتر والخميرة، المحفوظة في النملية من عجنة بايته من اليوم السابق، لتساعد في انضاج العجين. وبعد الانتهاء من عملية العجن تغطى الباطية بصينية من القش وتلف بشرشف ثقيل او بطانية، حتى يدفأ العجين ويخمر جيدا.
وقبل المباشرة بعملية الخَبز تقوم المرأة برق قطع العجين بين يديها او على الطبلية حتى تستدير، وهي لا تكلّ عن الحركة الدائبة المنتظمة، وعلى وتيرة واحدة وفي خفة واضحة تضع هذه الرقائق في الطابون الواحدة تلو الأخرى، ليخرج بعد ذلك ليخرج رغيف خبزٍ ساخناً ًطرياً محمّراً مقمراً، ذي نكهة طيبة زكية، نشمُّ فيها عبق الماضي الاصيل، ورائحة عرق الأجداد، وهو ما يتميّز به خبز الطابون، ولا يحظى بها خبز آخر.
ويستعمل مقلاع الطابون، وهو عود من الخشب، لرفع رغيف الخبز من داخل الطابون، لتجنب المرأة حرارة الرّظَفْ العالية.
ويقول الحاج محمد هلال -ابو بلال 87عام، انه لم يكد يخلو بيت واحد في قلقيلية قديما من الطابون، لكنه لم يستطع مقاومة المخترعات الحديثة، ولم يصمد أمامها، فبعد ظهور الفرن البلدي وانتشار استخدام افران الغاز المنزلي، الذي اراح كثيرا ربات البيوت، بدأ التراجع تدريجيا في استخدام الطابون، و اندثر الطابون واختفى نهائيا من بيوت قلقيلية، لكنه لا يزال مستخدما حتى يومنا هذا في بعض بيوت القرى المحيطة بقلقيلية، وغدا مجرد اداة تراثية نستحضر بها الحياة التي عاشها الأجداد والجدات في الزمن الماضي الجميل..
***
الفرن البلدي
الفرن البلدي عبارة عن غرفة او مكان بمساحه 16 مترا مربعا تقريبا، حيث يتم تقسيمها إلى ثلاثة أقسام، يمثل القسم الأول: بيت النار؛ والثاني مكان تخزين الوقود- الحطب والجفت، والثالث مكان ينتظر فيه الناس، ريثما ينضج الخبز، او تشوى صواني اللحم والخضراوات والكعك والحلويات.
وبيت النار عبارة عن حجرة على شكل صندوق مستطيل مجوف من الداخل، بمساحة تجويفها نحو3 أمتار مربعة (العمق 1.5×العرض 2م)، وله فتحه امامية بعرض نصف متر تقريبا، لإدخال وإخراج الخبز من بيت النار، وفتحة أخرى خارجية بطول متر تقريبا وعرض 50سم، يضع عليها الفران المطرحة وهي قطعة من الخشب  بعرض نحو 30سم، ولها يد طويلة، كما يضع واللقط الذي يقلع به الفران الخبز من بيت النار، وهو عبارة عن قطعة من الحديد الرقيق بعرض 15سم وطول 50سم، ولها يد خشبية طويلة تكون اقل عرضا من، وتمتد يدا الطرحة واللقط من باب الفرن الى طرف الحفرة المقابل له..
وتبنى هذه الحجرة من الطين الحراري، الذي يقلل من تسرب الحرارة من داخل تجويف بيت النار ويبقيه حاميا، ويتم تقسيم تجويف بيت النار من الداخل إلى قسمين:
الأول: يخصص لشواء الخبز والصواني وهو بمساحة 2متر مربع تقريبا، وترصف ارضيته بالبلاط المصنوع من الطين الحور، الذي يتمتع بخاصية الاحتفاظ الحرارة ورفع درجة السخونة في بيت النار، ويفرش تحتها الملح الخشن المخلوط مع فتافيت الزجاج، وهو يزيد ايضا من ارتفاع درجة الحرارة.
والثاني: يخصص لحرق قطع الحطب ومخلفات معاصر الزيتون وهو الجفت. ويكون على الجانب الايسر لتجويف الفرن وهو بمساحة متر مربع تقريبا، وينخفض بنحو 10سم عن أرضية مكان شوي الخبز
وللتخلص من الدخان المتصاعد نتيجة حرق الحطب والخشب والجفت، يتم وضع فتحه في سقف حجرة بيت النار، وتوصل بمدخنه تمتد عبر السقف إلى الخارج.
ويكون الفرن او بيت النار بمستوى أرضية الغرفة، وبجانبه من الامام يتم عمل حفرة مربعة في الأرض بعمق متر واحد وبعرض وطول متر ونصف، وفيها يقف الفران، وهو الخباز الذي يقوم بفرد العجين ورقّه بيديه فوق بلاطة منبسطة فوق الجانب الايمن لبيت النار، تسمى مزلاقة، ويضعه بعد ذلك على كف خشبي عريض له يد طويلة تزيد عن المترين، ويدخله الى بيت النار في المكان المخصص للشواء. وكانت النساء  تضع قطع العجين على صينية من القش، او على فرش من القش، وتأخذه بنفسها الى الفرن او ترسله مع احد الأولاد، وتضع المرأة كمية من الطحين مع قطع العجين، ليستخدمها الفران في رق وفرد العجين.
وقد يكون للفران مساعدا يقوم بوضع الحطب في بيت النار للإبقاء عليه حامياً، ويقلع الخبز عند نضوجه من الفرن. كما انه ينظف بلاط بيت النار قبل البدء بخبز العجين، باستعمال المكناس، وهو عبارة عن ممسحة تصنع من  خيوط الخيش الغليظة، مربوطة على طرف يد خشبية طويلة، يغمرها في دلو الماء، ثم يمسح بها بلاط الفرن، ليكون نظيفا جاهزا للخبز.
وكان "فرن فتوح"، لصاحبه المرحوم عبد الفتاح شخدم من اول الافران التي افتتحت في قلقيلية، وذلك في أوائل الثلاثينات من القرن الماضي. وكان الفرن في البداية يقع على الشارع الرئيسي بالقرب من ديوان حامولة آل زيد الأول، والذي تم هدمه من قبل قوات الاحتلال البريطاني، وانتقل بعد ذلك الى مكان الفرن الحالي الكائن في شارع حسين هلال. تبعه بعد ذلك افتتاح فرن عبده ابو سير شرقي السوق، وهو والد الاستاذ سميح ابو سير. وكان ذلك في منتصف الثلاثينات من القرن الماضي. اما الفرن الثالث فكان في اوائل الاربعينات وهو فرن خليل السلقان، الذي كان يقع الى الغرب من فرن ابو عكاس الحالي. وخلال سنوات الأربعينات افتتح فرن البلدية، لصاحبه المرحوم عبد الكريم عناية، وكان يقع بجانب ديوان آل شريم من الجهة الجنوبية، مقابل المبنى القديم للبلدية، ومن هنا جاءت تسميته بفرن البلدية.
لقد اراح ظهور الافران وانتشارها في قلقيلية الامهات وبات البيوت من مشاق الخبز في الطابون، والذي كان يتطلب الخبز فيه جهدا كبيرا، من حيث المحافظة عليه حاميا طوال الوقت، وازاحة الرماد وجلب الجفت، وكذلك رق العجين وفرده بالشوبك، بالاضافة الى الوقت والجهد الذي يبذل في عملية الخبز.
فأقتصر عمل المراة على تحضير العجين وتقطعه بعد ان يخمر الى قطع متساوية، ووضعها على صينية من القش، او على فرش من الخشب، ومن ثم حملها الى الفرن، ليقوم الفران برق العجين وخبزه، ومع مرور الوقت لم يعد الناس يستخدمون الطوابين، واختفت نهائيا من البيوت
وبعد حلول نكبة عام 1948م وزيادة عدد سكان قلقيلية بسبب لجوء المهاجرين اليها، افتتحت العديد من الافران في عقد الخمسينات والستينات من القرن الماضي وكان منها: فرن ابو جواد التيم- قرب مدرسة فلسطين الاساسية؛ فرن ابو العبّد- جنوب دكان صويلح؛  فرن عبد الرؤوف نزال -ابو فايز- في جزء من داره، وقبلها في دار ام غالب العطية، مقابل ديوان آل قطقط وجاموس، فرن التركي - بجوار ديوان آل زيد الشمالي، فرن ابو علي العزوني - حي غياظة،  فرن حسني فتوح -كفر سابا؛ فرن ابو الناجي الجابر، وكان يملكه المرحوم محمود عبد العزيز- ابو نواف، وفرن احمد الجابر -ابو سفيان- وكان في جزء من بيته الكائن مقابل مسجد السوق من الجهة الشمالية.
وقد تطور بمرور الوقت  استعمال الوقود في بعض الافران، حيث استبدلت هذه الافران وقود الحطب والجفت بوقود الديزل سريع الاشتعال..
ومنذ بداية السبعينات من القرن الماضي ومع تحسن احوال الناس المعيشية اخذ استعمال أفران الغاز في البيوت بالانتشار، وبدأت  النساء تخبز في البيوت، بدلا من ارسال العجين الى الفرن لخبزه. ومع مرور الوقت أخذت المخابز الآليّة الحديثة، التي تعمل بطاقة الكهرباء والغاز بالانتشار، واصبح الناس يفضلون شراء الخبز جاهزا بدلا من عجنه وخبزه في البيت، عاملين بالمثل الشعبي القائل "مشتراة العبد.. ولا تربايته".
واخذ دور الافران البلدية بالانحسار تدريجيا الى ان اندثر واختفى الكثير منها، وما تتبقى لا يتجاوز عدد أصابع اليد، ولم يعد الناس يخبزون في هذه الافران، وانما يتولى اصحابها او العاملين فيها انتاج الخبز، وبيعه جاهزا لمن يرغب بتناول الخبز اليلدي.
اما الافران التي تحولت الى الخبز الآلي الحديث: فرن فتوح- منطقة السوق، وآخر في منطقة حي الظهر؛ فرن ابو عكاس- قرب ديوان آل جبارة؛ فرن فتحي الحارسي -وهو ملك لابو علي العزوني- حي غياظة؛ فرن التركي- قرب ديوان آل زيد؛ فرن ابو عذبة – النقار..
وكانت العائلات في قلقيلية تدفع شهرية للفران، بالإضافة الى عيدية نقدية في عيدي الفطر والاضحى، وكان الفران يأخذ كل يوم جمعة رغيف خبز عن كل عجنة يخبزها. اما شوي الصواني وسدور الكعك والحلويات فكان ياخذ عليها اجرا نقديا، ويدفع في وقتها. كما ان الصبي الذي كان يحمل فرش العجين الخشبي على رأسه الى الفرن، ويعيده الى البيت بعد خبز العجين، كان ايضا يتقاضى من اصحاب البيوت أجرة شهرية محددة مقابل خدماته.
ورغم مفردات التكنولوجيا الحديثة بكل مقوماتها، فقد عجزت الأفران الآلية عن منافسة جودة الخبز المنتج في القرن البلدي، فثمة فرق واضح في الطعم والنكهة والرائحة بين خبز الفرن البلدي، الذي يعد على نار الحطب وجفت الزيتون، وقرامي الشجر، وخبز الأفران الآلية، الذي يعد على وقود الغاز والديزل والكهرباء.
الفرن البلدي
***
***
خبز الصاج
وهو ابسط انواع الافران واقلها تكلفة. وهو عبارة عن قطعة دائرية من صفيح الحديد قبابي الشكل- أي يكون أحد سطحيه مجوف والآخر محدب. وعند استعماله يكون السطح المحدّب الى الاعلى، والجهة المجوفة الى الأسفل جهة النار، وهو بسمك حوالي 2-3 ملم، وبقطر نحو 80 سم في المتوسط. وهو على عدة احجام- الصغير والمتوسط والكبير. وعلى طرف الصاج تثبت حلقة لتعليق الصاج بها وحفظه بعد الاستعمال.
ترق المرأة قطعة العجين باستخدام الشوبك او بيديها حتى تصبح بالحجم المرغوب، وعادة ما يكون بين 30-60سم، وتفردها على مخدة دائرية من القماش بحجم رغيف الخبز، وسمك 10سم، محشوة بالقطن او الصوف، او.قطع القماش.
والشوبك عبارة عن اسطوانة خشبية لها طرفان رفيعان بمثابة البمقبضين، يستعمل لفرد قطعة العجين وجعلها رقيقة، تمهيداً لخبزها.
الشوبك
***
يتم وضع الحطب وإشعال النار تحت الصاج حتى يسخن جيدا، وعندما يصبح ساخناً تسكب المرأة عليه قليلاً من الماء حتى تغسله من الغبار، ليكون نظيفا، قبل وضع العجين عليه . تحمل المرأة المخدة وتقلبها بطريقة ماهرة، لتسقط قطعة العجين المفرودة عليها على السطح العلوي المحدب. تنتظر المراة قليلا ريثما ينضج الخبز، ثم تقلبه على الوجه الآخر. وقد تبقيه المراة فترة اطول على الصاج حتى يتحمص جيدا، وعندها يكون طعمه ألذ واطيب. تضع المراة الخبز على صينية القش حتى يبرد، وتضعه بعد دلك في القبعة، ليبقى طريا ولا ييبس. والطحين المستخدم هو من دقيق القمح، ولا يُخَمّر كخبز الفُرن أو الطَّابون.
خبز الصاج
***
أدوات الإضاءة القديمة
السّراج
استخدم أجدادنا النار للإنارة، وكان وقودها الحطب، قبل ان يهتدوا إلى  استعمال الزيوت في السراج. وهو عبارة عن وعاء صنع في البداية من الحجر، من خلال حفره في قطعة من حجر البازلت بشكل دائري او مستطيل، وبحجم كف اليد. ينحت في إحدى حوافه العليا قناة ضيقة، تكون بمثابة مكان وضع الفتيلة، ويكون طرف منها في الزيت والطرف الثاني على حافة  السراج، وتكون فيه الشعلة. صنع السّراج بعد ذلك من الفخار، وهو شكل متطور عن سراج الحجر، وكان بحجم كف اليد، له فتحة من الاعلى يعبأ منها الزيت، وفي جانبه من أعلى حافته نتوء بارز او بعبوزة، وهي مكان ضيق يخرج منها الفتيل الممتد الى داخل الوعاء حيث يوجد الزيت، وهو المادة التي يمتصها الفتيل المصنوع من خيوط الكتان. وفي الليل يتم اشعال الفتيل المغموس بالزيت، فيعطي نوراً يكفي لقشع الظلام في البيت. وفي فترة لاحقة صنع من النحاس. وليس للسراج زجاجة كما للمصباح، وتكون اضاءته خافتة. وقد استعمل السراج للاضاءة في المنازل والمساجد.
وبعدما عُرف الكاز اخذ يُستخدم كوقود في السراج بدلا من الزيت، حيث يعطي اضاءة أفضل، وهو اقل تكلفة من زيت الزيتون.
سراج الحجر، وسراج الفخار
***
كما عرف اجدادنا الشمع المستخرج من اقراص عسل النحل، لكن اقتصر استعماله على الاغنياء لارتفاع ثمنه.
تطورت ادوات الاضاءة وظهر المصباح مع زجاجة تحيط بالفتيل حتى لا ينطفئ، وكان يستخدم الز?ت وقودا، وبعدها الكاز، ويعطى المصباح اضاءة اقوي من السراج.
***
المصباح والقنديل
استعمل الناس مصباح الكاز للانارة، وهو وعاء يصنع من الزجاج او المعدن، ويسمى المصباح المعدني قنديلاً، وهو محاط بزجاجة ثابتة مع جسمه ومحكمة الغطاء من الاعلى، لتقاوم هبهبة الريح فلا ينطفئ. يملأ القنديل بالكاز من فتحة جانبية، وله فتيل يصنع من خيوط الكتان، يثبت في راس القنديل يسمى "جرس". أما النوع الثاني ويسمى"لامظة او ظو او لمبة الكاز"، فهو يعمل كالقنديل، لكنه مصنوع من الزجاج،  ويحاط بزجاجة عادية غير ثابتة مع جسمه وغير محاطة بغطاء من الاعلى، تُحمل على رأس المصباح "الجرس"، وتساعد الزجاجة على توهج الضوء وعدم الهبهبة بفعل تيارات الهواء. ومصباح الزجاج ارخص ثمنا من المعدني، وهو القنديل، وكان على عدة أحجام منها: حجم صغير نمرة 2 وحجم كبير نمرة 4. ويعتمد استهلاك الكاز على حجم المصباح، ففي الحجم الكبير تكون الفتيلة اعرض وتمتص كمية اكبر من الكاز، وبذلك يعطي اضاءة أعلى، من الحجم الصغير.
وكان الناس يحرصون على ابقاء المصباح مشتعلا طوال الليل، ولم يكن غير الفقراء المعدمين الذي يطفئون النور في الليل. فالبيت غير المضاء يوحي بانه مهجور او ان اهله غير قادرين على توفير  الزيت.
المصباح - لمبة الكاز - اللامظة - الظو

القنديل

اللوكس
قنديل يعطي توهجا اكثر من القنديل العادي ويقاوم حركة الريح، ويشتعل بوقود الكاز ويعطي نورا ابيضا وھاجا مكون من قاعدة معدنية على شكل شبھ اسطواني، تغطى بھيكل معدني على شكل تاج مع اسطوانة من الزجاج، مثبتة في اطار معدني لمنع دخول الھواء. يبرز من القاعده عامود عليه راس به ثقوب عديدة يتجه الى الاعلى  وياتف على شكل نصف دائرة وينحني راسه الى الاسفل تثبت عليه فتيلة تسمى الشُمبر، ويتم ضغط الكاز بواسطة عامود معدني يسمى الستيم، فيصل بخار الكاز الى الشمبر فيشتعل، ويعطي ضوءا ناصع البياض، وھو على اشكال واحجام مختلفة.
ويذكر الحاج "محمد سعيد هلال" ان اللوكس كان يستعمل في قلقيلية منذ اوائل الثلاثينات، وكانت تضاء به البيوت والمضافات والدواوين والمساجد وفي المقاهي وساحات الاعراس.
وكانت العادة ان تضاء المضافات والدواوين وبيوت الوجهاء بالقناديل واللوكسات كرمز للأبهة والجاه والقدرة.
وعندما تشعل الأنوار في المناسبات الشعبية، فإنها تحمل في طياتها الفرح والابتهاج، ونستطيع ان نعرف من الأنوار المضاءة مقدار الفرحة والبهجة التي يشعر بها اصحاب الفرح.
وكان مصلحي بوابير الكاز يقومون بصيانتها واصلاحها عند تعطلها.
اللوكس
بعد ربط قلقيلية بشبكة الكهرباء عام قلقيلية عام 1964م، اندثرت هذه الأدوات واختفت نهائيا من البيوت، حتى بات من المستحيل ان نجد في يومنا الحاضر في قلقيلية بيتا يستخدم هذه الأدوات للإضاءة، وان وجد منها في بعض البيوت فهي لمجرد الاحتفاظ بها كتذكار من الماضي، وليس للإضاءة..
***
القدحة
القدحة هي حجر من الصوان البني او الاسود، والزنادة وهي الاداة الرئيسية في اشعال النار، وهي عبارة عن قطعة مثلثة من الفولاذ، والصوفانة، وهي عشبة تستحيل بعد فركها الى  خيوط ناعمة سهلة الاشتعال. فعندما يضرب المرء بالزنادة على حجر الصوان يتطاير الشرار نتيجة الاحتكاك والتصادم، ويشعل الصوفانة السريعة الاشتعال، وبعد اشتعالها توضع على بعض القش والحطب في الموقد فتشتعل النار.
وكانت النار لا تنطفيء عند الناس، لكثرة الطوابين في القرية التي يجب ان تظل مشتعلة، ويستعير الناس الذين ليس لديهم طابون النار من جيرانهم. فلم تكن تنقطع النار من الحي الواحد لأشهر طويلة.
الكبريت
***
ولم يعرف الكبريت ولا القداحات في قلقيلية حتى الثلاثينات من القرن الماضي. ويروي صبحي هلال (ابو هاشم) ان رجلا من حامولة شريم واسمه سمارة العمر، كان قد زار اسطنبول، فسألوه عن اغرب ما رأى في اسطنبول فاجاب بقوله: "لقد رأيت في اسطنبول علبا فيها عيدانا صغيرة من الخشب، وما ان يضرب بالعود على طرف العلبة حتى تشتعل النار في الحال". اخذ الحاضرون في الديوان ينظرون الى بعضهم البعض غير مصدقين ما يقول، لانه كان من الصعب عليهم ان تدرك عقولهم في ذلك الوقت ان النار يمكن ان تشعل بهذه السهولة، لانهم كانوا يستخدمون القدحة والزنادة والصوفانة، لإشعال النار، والتي لم تكن تشتعل الا بعد جهد كبير!!
***
القداحــة
مع تطور الحياة البشرية، اهتدى الإنسان الى صناعة القداحة التي تشعل النار بكل سهولة. وأول ما عرف من هذه  القداحات التي تشتعل بالوقود كانت قداحة الكاز. وقد ظهرت هذه القداحات خلال سنوات الأربعينات من القرن الماضي، وبدأت تختفي تدريجيا منذ سنوات السبعينات، عندما بدأت تغزو الأسواق قداحات تعمل بوقود الغاز، وهو أسرع اشتعالا واقل تلوثا من وقود الكاز. كما ظهرت القداحات الالكترونية، التي تعمل بدون حجر قداحة، انما تتولد شرارة كهربائية عند الضغط على طرف الغطاء فتشعل الغاز السريع الاشتعال.  لكن لا يزال يوجد الى اليوم قداحة الغاز التي تستخدم حجر القداحة، وهي ارخص ثمنا من قداحة الغاز الالكترونية. واختفت قداحات الكاز نهائيا قبل حلول الثمانينات من القرن الماضي.
وقداحة او ولاعة الكاز، لها فتيل من خيوط الكتان، يخرج من أنبوب يحشى بالقطن ويُشبّع بالكاز، يوضع في جنبها حجر صغير من المغنيسيوم الأسود بقطر 2ملم، عند الضغط على طرف الغطاء يدور عجل مسنن ويحتك بحجر القداحة فتتولّد شرارة تقوم بإشعال الفتيل المشبّع الكاز، فيشتعل الفتيل شعلة قوية، تجعله قادر على الاستمرار بالاشتعال حتى في وجود تيارات  الهواء الشديد، لان الفتيل يشتعل كليا من أسفله إلى أعلاه. انظر الصورة.

***
بابور الكاز (البريموس)
أحيل بابور الكاز إلى التقاعد في سنوات السبعينات من القرن الماضي، بعد أربعة عقود قضاها في احدى زوايا مطبخنا، وعليه قامت أعباء طهي الطعام، وتسخين الماء للحمام والغسيل، وإعداد القهوة والشاي، لأهل البيت، والضيوف الزائرين.



كان البابور اهم اداة لتوليد النار بيسر وسهولة في البيت، وكانت الناس قبل صناعته تطبخ على الحطب، وفي كل بيت من البيوت القديمة كان به مكان خاص لإشعال الحطب والطبخ عليه، يسمى الوجاك.، او الوجاق.
عرف الناس البابور في سنوات الاربعينيات من القرن الماضي، وبشكل خاص في المدن، لكن القرى ظلت تستعمل الحطب لفترة طويلة، بسبب بيئتها الطبيعيّة التي توفر الحطب، بعكس المدن. ويقال ان اصل كلمة بابور  من اللغة الفرنسية  فابور  vapeur، وتعني بخار الكاز.
بابور الكاز العادي

 
 


 والمبدأ الذي يقوم عليه عمل البابور، هو تحويل الكاز من الحالة السائلة الصعبة الاشتعال إلى الحالة الغازية السهلة الاشتعال، عن طريق دفع الكاز الموجود في الخزان بواسطة ضغط الهواء إلى راس الاشعال، الذي يتم تسخينه عند بدء استخدام البابور، بحيث يتحول الكاز بفعل الحرارة من الصورة السائلة إلى صورة غازية،  الذي يشتعل وينتج لهبا قويا.
وقد اراح البابور الجدات والأمهات من عناء إشعال نار الحطب والنفخ، وجرف الرماد وغبار الفحم ورائحة الدخان، كما انه أكثر راحة واقتصادا في الجهد والوقت والنظافة، بالمقارنة مع نار الحطب. وكان البابور يصنع في عدة دول، اما في فلسطين فكان البابور المصنوع في السويد هو السائد، وماركته البريموس، نسبة الى اسم المدينة، التي كان يصنع فيها.
ويتكون بابور الكاز من خزان دائري محكم الاغلاق مصنوع من النحاس، يُملأ بوقود الكاز، واعلاه فوهة للاشتعال تسمى رأس البابور، وفي اسفل الراس توجد عين ينطلق منها بخار الكاز بفعل الضغط في خزان الكاز، ليشتعل اعلى راس البابور، مصدراً لهبا قويا. ولخزان البابور فتحة علوية وأخرى جانبية، والفتحة العلوية عليها غطاء، وتستخدم لتعبئة خزان البابور بالكاز من خلالها بواسطة محقان صغير، وفي جانبها مفتاح او مسمار مسنن لتنفيس الهواء من خزان البابور عند الحاجة لتخفيض الاشتعال او اطفاءه كليا، اما الفتحة الجانبية فتحوي في نهايتها صمام يسمح بدخول الهواء وعدم رجوعه، ويضغط الهواء في خزان البابور بواسطة ذراع او عمود صغير مثبت في رأسه جلدة يسمى ستيم. وبتحريك الستيم بشكل متتابع الى الخارج والى الداخل يندفع الهواء إلى داخل الخزان، ويعمل على زيادة الضغط الداخلي، مما يجعل الكاز ينطلق بقوة الى راس البابور ليزيد قوة اشتعال النار وتاججها.
أجزاء البابور
 
 

 ويتنصب البابور على ثلاثة ارجل معدنية مثبتة بجوانبه بشكل راسي، ومعكوفة من الاعلى باتجاه راس البابور مشكلة زاوية قائمة، وعليها توضع اواني الطهي المعدنية. ويستخدم البابور لطهي الطعام وتسخين الماء للغسيل او الاستحمام، واعداد الشاي والقهوة..الخ. وعند طبخ الارز كان يوضع فوق البابور قرص دائري رقيق من الحديد، ليعمل على توزيع الحرارة بشكل متجانس، وعدم تركزها في وسط الطنجرة، فيحترق الأرز، او لا ينضج بشكل جيد.
عند إشعال البابور يتم ضغط الهواء بواسطة عمود الستيم، ليخرج الكاز من عين رأس البابور، وتتجمع كمية قليلة منه في صحن اسفل راس البابور، ويتم اشعال الكاز بعود الكبريت، وبعد ان يحمى راس البابور جيدا، يتم اغلاق فتحة التنفيس، ويضغط الهواء الى داخل الخزان لينطلق الكاز الى المواسير الساخنة واثناء مروره من خلالها الى راس البابور الذي يكون اشد اجزاء الراس سخونة، وبفعل حرارته العالية يتحول الكاز من الحالة السائلة إلى الحالة الغازية السهلة الاشتعال، ويخرج من عين البابور في اسفل الراس متجها إلى أعلى راس الاشتعال، وأثناء خروجه يقابل ما يتبقى من اللهب السابق توليده لتسخين الرأس، فيشتعل منتجا لهبا قويا.
ونتيجة استمرار اشتعاله يستمر الراس والمواسير في السخونة وتحويل الكاز المتدفق خلالها بفعل ضغط الهواء في الخزان إلى بخار سريع الاشتعال، وباستمرار اندفاعه إلى راس البابور، تبقى دائرة التشغيل مستمرة تلقائيا. وعند الرغبة في تخفيض قوة اللهب او إطفاء البابور يتم خفض الضغط الداخلي عن طريق تفريغ الهواء من الخزان باستخدام مفتاح التنفيس المثبتة تحت فتحة التعبئة، وبالتالى ينقطع اندفاع الكاز إلى الراس، فيتوقف تماما ومن ثم ينقطع اللهب
وكان يحدث بسبب اشتعال البابور، ان يلتصق الكربون بمعدن البابور، ومع الوقت يتسبب هذا الكربون بانسداد او تسكير عين البابور، التي يخرج منها الكاز المضغوط. وبسبب الكربون او بعض الشوائب في الكاز، تنسد الفتحة كليا او جزئيا، ولا تعُود الشعلة الى حالتها الطبيعيه، الا بعد فتح العين، او نكشها بواسطه الابره، لتحسين اشتعاله.
ويجب ان تكون الابره دائما حاضره عند البابور، حتى اذا انسدت العين يتم نكشها او تسليكها لخروج الكاز منها. والابرة عبارة عن سلك رفيع جدا يتم ادخاله في فتحة العين، ليزيل الوسخ ويفتحها ليعود اللهب كما كان قويا.
وكان للبابور مقاسات متعددة، نمرة 1 ونمرة 2 ونمرة 4، وتختلف فيما بينها بحجم راس البابور وسعة الخزان.
ومن اجزاء البابور التي تكون بحاجة الى تغيير هي: راس البابور، الطربوش الذي يركب على الراس لتركيز النار مما يزيد من قوة نيرانه، وجلدة الستيم.

بابور الكاز الاخرس
 











ومع تطور صناعة البوابير ظهر بابور الكاز الاخرس، ويتميز عن البابور العادي،  في انه منخفض الصوت وغير مزعح وذو لهب منخفض نسبيا، وكان اغلى ثمنا من البابور العادي. وهو في شكله ومكوناته مثل البابور العادي، ولا يختلف عنه الا في طربوش الراس، حيث يكون طربوش البابور الاخرس مغلقا وبه ثقوب عديدة يمر اللهب من خلالها،  وهو على عكس طربوش البابور العادي، الذي يعمل على تركيز اللهب، وانطلاقه بحرية.
والى جانب الاستخدام في البيوت استخدم البابور الأخرس في محلات كوي الملابس، وهو على احجام مختلفة.
ومع ظهور بابور الكاز ولدت مهنة "تصليح بوابير الكاز"، التي  انقرضت تماما في قلقيلية. واختفت نهائياً من قاموس المهن التقليدية في قلقيلية. وقد اشتهر في قلقيلية من السمكرية الحاج عبد الرحيم محمد طه ابو غالب  واخيه عبد الفتاح محمد طه - ابو عادل، والحاج احمد الحسن طه، وعبد الرازق ولويل (ابو تيسير)، وعلي يوسف إسماعيل (ابو خالد السنكري). وكانوا يقومون بتصليح البوابير، وكانت التصليحات تشمل لحام مكان التنفيس عند رقبة الراس، او رجل البابور بالقصدير، او تغيير راس البابور، الذي يكون قد اهترأ واخذ يحدث شحبارا، تغيير عين البابور عندما تتسع لانها تحدث شحبارا، كذلك تغيير جلدة الستيم التي تهترئ في العادة بسبب الاحتكاك، فلا تعد تستطيع ضغط الهواء داخل خزان البابور.
وبعد ظهور الغاز، اخذ استعمال البابور يقل تدريجيا في قلقيلية الى ان تلاشى واختفى نهائيا خلال سنوات السبعينات من القرن الماضي.
***
***
مكواة الفحم
المكواة هي آداة أساسها قطعة معدنية تسمى بلاطة بسمك 2سم ملساء لها مقبض، كانت تسخّن بوضعها على جمر الحطب ثم تكوى بها الثياب. تم تطويرها بعد ذلك بتثبيت صندوق فوق البلاطة، ذا غطاء مع مربط يُفتح الى الأعلى، يوضع فيه قليلا من جمر الفحم، ليعمل على تسخين البلاطة. ولمكواة الفحم فتحات تهوية جانبية لدخول الهواء الى جمر الفحم، حتى يبقى مشتعلاً، ولا ينطفئ.
بعد أن تسخن البلاطة جيدا، تمسح على خرقة من القماش مبلولة بالماء لتنظيفها او لتخفيف سخونتها، اذا كانت مرتفعة .يرش رذاذا من الماء على الثوب او القطعة المراد كويها، من خلال بلّ اليد بالماء ونفضها فوق الثوب، وتكرار ذلك لأكثر من مرة. وتمرر عليه بعد ذلك المكواة الساخنة بحركات متكررة إلى الأمام والى الخلف، فتعمل على تمليسه وإزالة التجاعيد عنه، ليصبح بعد كويه جميلا حسن المنظر، يضفي على لابسه الهيبة والوقار.
ولتجنّب احتمال حرقه او صليه، يمكن فرد قطعة صغيرة من قماش القطن او الكتان فوق الثوب، وكوي الثوب من فوق قطعة القماش.
وفي سنوات الخمسينات من القرن الماضي ظهرت المكواة، التي يتم تسخينها على بابور الكاز، وهي بدون صندوق معدني، وآلية الكوي فيها هي نفس ما لمكواة الفحم. وافتتحت محلات لكوي الملابس، وكان من أشهرهم الحاج إبراهيم الصوص، وهشام شطارة على الشارع الرئيسي في البلدة.
وبعد ربط قلقيلية بشبكة الكهرباء المحلية عام 1964م، بدأ الناس يستخدمون المكواة الكهربائية، وفي السبعينات من القرن الماضي، ظهرت المكواة الكهربائية-البخارية.
 ومن الجدير بالذكر انه منذ اختراع مكواة الفحم، إلى اختراع المكواة الحديثة- الكهربائية البخارية، لم يحدث أي تغيير جوهري على شكل المكواة.

***
طنبر الكاز
وهي عربة ذات دولابين او اربعة دواليب يجرها بغل ويوضع عليها خزان كبير للكاز سعته اكثر من الف لتر، يطوف بها البائع في الشوارع والحارات وهو ينادي كاز.. كاز.
عرف الطنبر في قلقيلية منذ الخمسينات من القرن الماضي الى اواسط السبعينات، عندما كان الكاز يستخدم بشكل كبير كوقود في البيوت لاشعال بابور الكاز، الذي كان يستخدم لطهي الطعام وتسخين الماء للحمام والغسيل.
وغاب طنبر الكاز عن مسرح الحياة في قلقيلية، عندما انتشر استخدام الغاز في البيوت، منذ بداية السبعينات،  ليحل محل البريموس الذي يستخدم الكاز
الطنبر - عربة بيع الكاز


 

  السفرطاس
يعتقد البعض ان كلمة سفرطاس مؤلفة من السفر والطاس. ويقصد بالطاس الإناء أو الوعاء وبذلك تكون وعاء السفر، او وعاء الطعام للمسافر.
والسفرطاس اناء معدني عميق، استخدم لوضع الطعام فيه، حتى لا يبرد عند نقله او اصطحابه الى الأماكن البعيدة، وهو مؤلف من عدة طبقات، لا تزيد على خمسة ولا تقل عن ثلاثة، ولكن جميعها بقطر واحد (نحو 15سم)، وله حامل وقفل بحيث يتم من خلاله إحكام إقفال طبقاته المتعددة، بحيث لا يفتح غطاء أي طبقة، ولا يسمح بنزول الطعام منها، أو امتزاجه مع بعضه داخل السفرطاس.
يوضع في كل طبقة نوع من الطعام المعدّ في البيت، فيمكن مثلا وضع الأرز في الطبقة الأولى منه، وفي الثانية الحساء، وفي الثالثة الطبيخ، وفي الرابعة المخلالات، والزيتون.. وهكذا.
وكان السفرطاس الوسيلة الاقتصادية الملائمة لحفظ ونقل الطعام من البيت الى مكان العمل في المزارع والمتاجر. كما كان ينقل فيه الطعام الى المرضى في المستشفى، حيث كان يعزف المرضى عن تناول الوجبات التي تقدم في المستشفى، لأنها لم تكن شهية، كما كانت تصنعها الزوجات او الأمهات في البيوت.
وكان  السفرطاس في البداية يصنع من النحاس، وبعد ذلك صنع من معدن الالمنيوم، وهو افضل من النحاس، اذ لا يتأكسد ولا يتغير لونه.
لقد انقرض استخدام السفرطاس كوعاء لنقل وحفظ الطعام، واختفى نهائيا من الاسواق.
السفرطاس
 
 



الباطية
وعاء يصنع من جذع الشجرة، يجوف من الداخل والخارج، حتى يصبح املسا، يستعمل كصحن كبير تتناول فيه الاسرة الطعام، وهو على عدة احجام -الصغير والمتوسط والكبير، تتناسب مع عدد أفراد العائلة، او عدد الضيوف. واستخدمت الباطية في المناسبات الاجتماعية وقدمت فيه المناسف (الرز باللحم والبن) للضيوف. كما كان يستخدم لعجن الطين ولعمل المفتولز. وقد انقرضت أوعية البواطي واختفت نهائيا من الأسواق بعد ظهور الأوعية الزجاجية الصينية واوعية الالمنيوم والورستا. ويسمى الوعاء الخشبي الاصغر من الباطية بـ الكرميّة.
الباطية
***
 الطاحونة، الجاروشة، الرحى
لم يكد يخلو أي بيت في قلقيلية قديما من طاحونة او جاروشة او رحى صغيرة. فقد كانت الحبوب تطحن او تجرش في البيوت، وغالبا ما كانت ربة البيت هي التي تقوم بهذه المهمة. والطاحونة عبارة عن حجران مستديران مصنوعان من البازلت او الجرانيت الصلب، قطر الواحد منها نحو 50سم، وبسمك ثلاثة الى أربعة قراريط. يوضع احد الحجرين فوق الآخر- الحجر السفلي ثابت، اما العلوي فهو متحرّك، وله مقبض خشبي مستدير بارتفاع 20سم او اكثر، مثبت في فتحة صغيرة على طرفه، للامساك به عند تدويره على الحجر السفلي. ويدور الحجر العلوي حول محور او وتد خشبيّ ّ ثابت، قاعدته مثبّتة في أسفل الحجر السفلي، ويشكل محورًا يدور عليه الحجر العلوي. وفي وسط الحجر العلوي  فتحة واسعة، بحيث تسمح للقطب الخشبي (القلب) المركب في الحجر السفلي  بالدخول من خلاله، كما تسمح للحبوب بالدخول من خلالها، والتي تسقط بين الحجرين، فتجرش او تطحن، حسب رغبة ربة البيت.. 






وقبل البدء بعملية الطحن تضع المراة قطعة نظيفة من القماش تحت الرحى حتى لا يتساقط الدقيق على الارض. وتتناول بيدها كمية من الحبوب وتضعها في الفتحة الدائرية التي في وسط الرحى العلوية، وبتحريك اليد الخشبية بشكل مستدير، يدور الحجر العلوي فوق السفلي، فتنسحق قشور الحبوب وتتكسر الى انصاف، وتخرج من جوانب الحجرين العلوي والسفلي، وتكون في البداية خشنة غير ناعمة. تكرر المرأة العملية وتقوم بوضع الحبوب الخشنة مرة اخرىد في الفتحة العلوية، وتدير يد الرحى، فتنسحق الحبوب حتى تصبح ناعمة. تقوم المراة بتنخيل الطحين، حتى اذا بقي في المنخل اجزاءً خشنة غير ناعمة من الحبوب، عاودت طحنها من جديد.
ولا يقتصر استعمال الرَّحى على عمل الدقيق من القمح والذرة فقط، بل يمكن أن نجرش عليها القمح لنعمل البرغل، والفريكة، وكذلك يُجرش عليها حَبّ العدس البلدي والفول.. وغيرها
الطاحونة اليدوية القديمة

الدست
عبارة عن وعاء ضخم من النحاس الاحمر، يتسع لخروفين او اكثر وكيسا من الارز، يستخدم لاعداد الولائم الكبيرة، خاصة في المناسبات الاجتماعية كالأعراس والمآتم والصلح العشائري، والمسؤولين من رجال الحكومة. ويتكون الدست من قطعة نحاسية تكون ملفوفة بشكل دائري قاعدتها اعرض وأوسع من فوهتها. ويمكن ان يكون الدست بأحجام مختلفة، تتناسب مح عدد الضيوف او المدعوين. ويوجد للدست حلقتان كبيرتان متقابلتان على أعلى حافته لحمله، اما الدسوت الضخمة فيكون لها أربعة أيادي كبيرة، حتى يسهل رفعها. ويكون بدن الدست مدعما بمجموعة من الدعائم النحاسية بعضها يشكل امتداداً للأيدي المثبتة بمسامير من حافة الدست إلى أدنى منتصفه، وبعضها الآخر يقع بين كل يدين. وكانت الدسوت تطلي بالقصدير لتبييضها.
وكانت قلة قليلة من الناس ممن يمتلكون الدست لغلاء ثمنه، ولاحتياجه فقط في فترة محددة من السنة او في مناسبات معينة، فكانت الناس تستعير منهم هذه الأواني النحاسية في مواسم حفظ أطعمة مثل مواسم إعداد البرغل والتطالي وميّة البندورة وعند طبخ السمن البلدي، وفي مناسبات تقام فيها ولائم كالأعراس والصلحات والمآتم، حيث يعد ويطبخ فيها المأكولات المعروفة من مناسف ولحوم وغيرها.
الدست


الحلة
وعاء نحاسي اكبر من الطنجرة واصغر من الدست، وفوهتها أضيق قليلاً من قاعدتها، وهي على أحجام مختلفة. تستخدم لطهي الطعام، وتسخين الماء للحمام او الغسيل، ولسلق البرغل، وعمل التطالي والمربيات.



القدرة أو القدر
وعاء من الفخار مُجوف يشبه الطنجرة، له عروتان او أذنان يحمل بهما، وباب واسع  مع غطاء. يستعمل لطهو الطعام في الطابون، أو على النار. وكان يوضع فوقه قطعة فخارية أخرى تسمى القصرية تشبه الصحن العميق، لكن  بها عدة ثقوب لطبخ المفتول على البخار. وهو ذو أحجام مختلفة، تتناسب وحجم العائلة. وقد اشتهرت مدينة الخليل بصناعة القدرة الفخارية، لكن قلت اهميتها بعد ان صنعت القدرة من النحاس.
القدرة الفخاريّة

 
قدرة النحاس



القصريّة
وعاء من الفخار يشبه الصحن العميق به ثقوب عديدة من الأسفل، تسمح بمرور البخار منها. يستعمل لطبخ المفتول على البخار، حيث يوضع على فوهة القدرة بها ماء يغلي، ويمر البخار من خلال الثقوب.
قصريّة الفخار

الزبدية
وعاء عميق يشبه صحن  الجاط،  ضيق من الاسفل وبابه واسعٌ، يستعمل لتناول الطعام يصنع من الفخار الاسود، وهو على عدة احجام، وكان تجلب من غزة قبل عام 1948م.
***
الخاشوقة
ملعقة من الخشب تستخدم لتناول الطعام وهي معلقة الاكل وهي من التركية القديمة
الخوصة
جمعها خُوَصْ وهي السكين الكبيرة التي تستعمل في المطبخ. وهي قطعة معدنية عريضة  ذات حافة حادة، ولها مقبض خشبي، تستخدم لتقطيع اللحوم وفرم الخضراوات.
***
مبيّض النحاس
كان الشغل الشاغل للإنسان على مرّ العصور محاولته إيجاد الآنية التي يحضّر فيها طعامه وشرابه، فاهتدى الى اختراع الانية الحجرية ثم الفخارية، ثم الخشبية، ثم الأواني المعدنية، وكانت من معادن مختلفة كالحديد والنحاس والألمنيوم، وبعدها الأواني الزجاجية.
كانت معظم البيوت في قلقيلية، قبل ظهور الآنية الحديثة، تحتفظ بطاقم كامل من الأواني النحاسية، ذات الاشكال والاحجام المختلفة، لكل منها وظيفة خاصة، منها ما كان يستخدم لطهي الطعام، ومنها ما كان مخصصاً لغسيل الملابس او لغسل ايدي الضيوف بعد وجبات الطعام، ومنها ما كان مخصصا للشرب، كالكاسات النحاسية ودلال القهوة. وكان لكل شكل منها اسم مختلف عن الأخر، فهناك الدست والقدرة والطنجرة والصينية والدبسية والسدر والمغرفة والملعقة والشوكة.. وغيرها. وبعدد وأشكال هذه الأواني، كان يقاس ثراء الأسرة أو فقرها.
وتكون الأنية النحاسية عند شرائها جديدة تتميز بلونها النحاسي، لكنها مع الوقت تتأكسد، نتيجة التفاعل الكميائي بين الاكسجين والنحاس، حيث تفقد بريقها ولمعانها، ويميل لونها النحاسي الى الاخضرار، وتتراكم على جدرانها الجنزرة- اكسيد النحاس، وهي بلون الزرنيخ، الذي قد يصل الى مستوى السمومية احيانا، خاصة في اواني الطهي والشراب. ولما كانت معظم الاواني المستعملة في البيوت نحاسبة، ومن اجل الإبقاء على استعمالها فى طهى الطعام والشراب، ولدت مهنة "مبيّض النحاس" من رحم الحاجة الماسة الى ازالة  الجنزرة عن هذه الاواني، حيث يقوم المبيّض بحرق الآنية على النار للتنظيفها من الجنزرة، ومن ثم طليها بالقصدير. وتسمى هذه العملية "تبييض النحاس". وكانت الأسر تحرص على تبييض أوانيها النحاسية وتلميعها، وتنتظر بفارغ الصبر قدوم مبيّض النحاس، ليعيد لها رونقها وبريقها اللامع كالفضّة، مما يعطي زائر البيت انطباعا بنظافة أهل البيت.
وكان مساعد المبيّض يطوف في ارجاء الحي الواحد منذ الصباح الباكر، مناديا باعلى صوته "مبيّض نحاس.. نحاس نبيّض"، فتُخرج له كل ربّة البيت الأواني النحاسية التي اصابتها الجنزرة ووضعتها جانبا بانتظار قدومه، والذي كان لا يأتي الا في الصيف، ويتخذ من زريبة او بيت مهجورمسكناً مؤقتاً له، وكان يقيم حسب ما اذكر في مكان قريب من حطة محروقات  ابو عمشة، يعود للمرحوم محمد حسن عباة- ابو هشام. ويمكث في قلقيلية لمدة اسبوعين او اكثر، حتى ينتهي من تبييض كافة الأواني النحاسية، بعد ان كان يطوف كل ارجاء البلدة.
وبعد ان يجمع المنادي عددا كبيرا من الاواني من عدة بيوت، يعود بها الى مكان التبييض، ويحاول انجاز المهمة في أسرع وقت ممكن وبجودة عالية. والغريب في الامر، انه كان يجمع الانية من عدة بيوت في الحارة الواحدة، ويحملها في شوال كبير (ذو الحُزّ الأحمر) على ظهره، وبعد ان يقوم بتبيضها يعيد تسليمها في اليوم التالي الى اصحابها، ويعيد الى كل بيت ما اخذه منه في اليوم السابق، ويأخذ الأجرة المتفق عليها، رغم انه لم يكن يسجل ذلك، وحتى لربما كان عاميا، لا يعرف الكتابة ولا القراءة، الا انه كان يتذكر بالضبط ما اخذ من كل بيت!
وكنّا نذهب ونحن صغار لنتفرج على المبيّض، وهو مسنداً راحتيه على الحائط وهو يتراقص داخل الوعاء النحاسي الكبير، الذي يوضع على نار هادئة، محركاً جذعه واردافه يمنة ويسرة على شكل نصف دائرة، يدور فوق رماد الفحم (السكن)، المغطى بالقش للاتقاء من حرارة النار. ويستمر في عملية الرقص والتحريك داخل الوعاء، حتي يتم تنظيفه تماما من الجنزرة، والسّناج. وتاتي بعد ذلك المرحلة التالية، وهي  تبيض الآناء بطليه بالقصدير باستخدام النشادر والقطن، بعد تسخينه جيدا ليكون قادرا على اذابة القصدير، حتى يلتصق بسهولة بجدار الاناء. ويتم بعد ذلك يتم تلميعه جيدا، حتى يصبح لونه فضيّا لامعا.
وكان المبيّض يتقاضى اجرا عن كل قطعة، تتحدد مسبقا، وتعتمد على حجم الانية والجهد المبذول في تبييضها، وكمية القصدير التي تستنفذها القطعة الواحدة.




كانت مهنة المبيّض مهنة شاقة تستدعي جهدا عضليا كبيرا، والتعرض لوهج الحرارة الصادرة من النار الحامية، التي تتعرض لها الآنية من أجل طلائها بالقصدير.
بعد أن حدثت تطورات في صناعة الأواني المنزلية، وظهرت الأواني المصنوعة من الصيني والألمنيوم والنوريستا، الأخف وزنا والأرخص ثمناً، والتي تبقى لامعة لا تحتاج إلى تبييض، وبعد ان فرض الواقع الجديد نفسه، وتغير نمط الاستهلاك لدى الناس، توارت عن الأنظار الآنية النحاسية، واختفت تماما بفعل التقدم التكنولوجي والحضاري، وانقرضت معها مهنة مبيّض النحاس، وبقيت مجرّد ذكرى عابرة في أحاديث كبار السّن، ممن عاصروها وعرفوها عن قرب.

صينية القش
تصنع من عيدان القمح، وهي عبارة عن وعاء معدني مسطح دائري الشكل، وهي على أحجام  وألوان واشكال مختلفة، تستخدم لعدة أغراض، منها : يوضع عليها الطعام، ويغطى بها العجين حتى يخمر، يوضع عليها الخبز بعد خروجه من الفرن حتى يبرد، ويوضع بعد ذلك في القبعة ليبقى طريا ولا ييبس. كما كانت تستخدم لوضع قطع العجين عليها والذهاب بها الى الفرن البلدي لخبزها.
 


حصيرة القش
بساط يصنع من نبات الحلفا، الذي تجفف سيقانه، وتضم الى بعضها البعض بواسطة الخيوط المتينة، يفرشْ على أرض الغُرفة ويوضع عليه فراش النوم، ويستخدم للجلوس عليه، وكانت تفرش به المساجد والمضافات والدواوين أيضًا. وصناعة الحصير حرفة تقليدية تراثية آلت إلى الزوال لرخص ثمن السجاد وتنوع أشكاله وألوانه وأنواعه، ويندر اليوم ان نجد حصيرا في أي بيت من بيوت قلقيلية.
***
البساط
فراش للارض يصنع من الصوف بعد غزله خيوط، تنسج هذه الخيوط بواسطة النول اليدوي، يفرش على الارض في فصل الشتاء ليعطي دفئاً للبيت.

النملية
كانت النملية قديما جزءاً أساسياً من تجهيزات البيت، وكانت تستخدم بشكل أساسي لحفظ الطعام، تم الاستغناء عنها بعد ربط قلقيلية بشبكة كهرباء محليّة عام 1964م، حيث بدأ الناس يستخدمون الثلاجة، بدلا منها.
والنملية عبارة عن خزانة من الخشب توضع عادة في المطبخ، وتسند الى الحائط مثل الثلاجة، وتستخدم لحفظ الأطعمة من النمل او اي شيء يجذبه رائحة الطعام، مثل الصراصير والذباب وغيرها. وربما جاءت تسميتها بالنملية من حفظها للطعام من النمل والحشرات.
وتقسم النملية إلى ثلاثة أقسام، العلوي ويضم ثلاثة رفوف، يغطيها من الخارج بابان يفتحان إلى الجانبين، ومغطيان بشبك معدني دقيق وناعم، يمنع دخول الحشرات، ويسمح بدخول الهواء، مما يعمل على تلطيف درجة الحرارة داخل النملية، وبالتالي عدم التلف السريع للطعام المحفوظ فيها.
وتعتمد مدة حفظ الطعام وسلامته على نوع الطعام المحفوظ في النملية، ففي حال المربيات والحلويات والمعجنات فانها تبقى سليمة وقتا أطول بالمقارنة مع باقي انواع الاطعمة، مثل السلطات والمقبلات واللبن الرائب والحليب، واللحوم والطبيخ وغيرها، التي تعتبر سريعة التلف (خاصة في فصل الصيف الحار)، والتي يجب ان تستهلك خلال فترة قصيرة.
كما يوضع على رفوف القسم العلوي من النملية مختلف انواع الاواني مثل الصحون بمختلف الاحجام، وصحون الشوربة والسلطات وكاسات الشاي وفناجين القهوة .. وغيرها.
اما القسم الأوسط من النملية فيضم جارورين أو ثلاثة، توضع فيهما أدوات الطعام الصغيرة مثل السكاكين والملاعق والشوك والمغارف، ومقحاف الكوسا والباذنجان، والمسنّ، واسياخ اللحمة وغيرها.
ويغطي القسم السفلي من النملية فهو مغطى ببابان خشبيان بدون شبك، تستخدمه ربّة البيت لتخزين أدوات المطبخ ألأكبر حجما، مثل الصواني والدّباسي والسدور والطناجر.. وغيرها.
وكان ظهر النملية يستخدم لوضع الطناجر الكبيرة، التي لا تستخدم كثيرا، وبعض اوعية المؤونة.
كما كان يعلّق على جدران المطبخ رفوف خشبية متينة، لحمل الأوزان الثقيلة، وكانت توضع على الرف العلوي طناجر النحاس والصواني والدباسي، وغيرها من الاواني ذات الأحجام الكبيرة، التي لا تستخدم بشكل يومي.
اما على الرف السفلي، فكانت توضع مرطبانات الزيتون، والمخلالات، واللبنة المغموسة بزيت الزيتون، والجبنة، والمكدوس، والزعتر الناشف، وتطلي العنب، والبرغل، والفريكة، والعدس، والرز، والفول الحب، والفول المجروش، وعلب السمنة الغزال او الكنز، وإبريق الزيت، ومرطبان السكر والشاي، وباقي اصناف المؤونة.
كما كانت تعلق على احد جدران المطبخ (بواسطة مسامير تدق في الجدار) صواني القش والغربال والمنخل والقصرية ..وغيرها.
اما تنكات زيت الزيتون، فكانت تخزّن على السدّة، التي تكون في العادة فوق سقف الحمام، ويكون بابها مفتوح الى داخل المطبخ، اما الطحين فكان يوضع في برميل في زاوية المطبخ. وكان الخبز يوضع في وعاء دائري منسوج من عيدان القمح، يسمى قبعة، ويلف الخبز بقطعة من القماش، حتى لا ييبس، وكانت توضع القبعة فوق برميل الطحين. اما البيض فكان يوضع في قبعة صغيرة، بداخلها قش القمح الناعم (التبن)، حتى لا يتكسر البيض.
كل ما ذكرناه كان موجودا في المطبخ أيام زمان، رغم صغر حجمه، واذكر ان مساحة المطبخ في بيتنا القديم لم تكن تتجاوز الستة أمتار مربعة (3م طول×2م عرض)!! .
نملية المطبخ القديمة




ومع التطور الحضاري، ظهرت المطابخ الحديثة، واخذت النمليات بالاختفاء تدريجيا من بيوت قلقيلية منذ بداية السبعينات من القرن الماضي، بعد تحسّن أحوال الناس المعيشية، وانتشار استخدام الثلاجة بمختلف أحجامها وأشكالها، ولم تعد النملية تستخدم لحفظ الطعام او ادواته. كما اتسعت مساحة المطبخ في البناء الحديث، ووصلت الى اكثر من 16 متر مربع، واخذ الناس يتركيب خزائن خشبية حديثة ذات دفات ورفوف عديدة، يكون قسما منها تحت المجلى وآخر على جنبه وثالث معلق فوقه. وتوضع فيها كافة الاواني والأدوات المنزلية، وتخزن على رفوفها الزيوت والمخلالات والحبوب والبقول والشاي والقهوة والسكر، وغيرها من  مواد المؤونة، وكذلك مواد التنظيف، ولم يعد الناس اليوم بحاجة الى سدّة لتخزين المؤونة عليها..
والى جانب الخزائن الخشبية، تُصنَع اليوم خزائن من البلاستيك، والالمنيوم والفيبركلاس
خزائن المطبخ الحديثة

السِّدَّة
وجدت أصلا في البيوت القديمة، حيث كانت تخزن عليها المواد التموينية، كزيت الزيتون والجبنة المسلوقة والبرغل والفريكة والعدس والتطلي، وانواع مختلفة من المخلالات المكبوسة (الخيار، الزيتون، واللفت). وكان موقع السدة فوق حظيرة الدواب، لان الحمام كان في قاع الدار. وبعد تطور البناء بالاسمنت أصبحت السدد تقام داخل البيت، وتوضع فوق سقف الحمام، وبابها من جهة المطبخ، وبعدها وضعت السدة فوق سقف الحمام والمطبخ، لان سقوفها تكون في العادة اوطأ من سقوف الغرف، التي كانت ترتفع نحو اربعة امتار. ويكون لها باب من جهة مطلع الدرج، او مدخل الدار. ويكون ارتفاع السدة نحو متر او أكثر قليلا. اما في البيوت الحديثة فنادرا ما نجد سدة، حيث أصبح المطبخ واسعاً، وأقيمت فيه خزائن من الخشب او الألمنيوم، وتخزن فيها كل المواد التموينية، وانتفت بذلك الحاجة لوجود سدّة في البيت.

هناك تعليقان (2):

  1. الموضوع جميل جدا، وهذا يذكرنا بالحياة الجميلة التي عاشها ابائنا واجدادنا في قلقيلية قديما.
    لكن حبذا لو تم الاشارة الى ان هذا الموضوع منقول من موقع "قلقيلية بين الامس واليوم"، وذلك احتراما لكاتب الموضوع وتقديرا لجهوده وحفظا لحقوقه وصونا للامانة وتقوى الله تعالى!!
    مع تحياتي
    احمد برهم

    ردحذف
  2. فى الأصل هذه المدونة أجمع فيها ما يعجبنى من الموضوعات .. وأتركها لمن يريد الإطلاع أو النقل ( وحقوق النشر ليست محفوظة ) وقد أشرت فى الموضوع عن المصدر كما طلبت .. غشكرا لزيارتك
    مع تحياتى أستاذ أحمد برهم

    ردحذف

ألعاب زمان

قد يستحقر البعض أساليب اللعب زمان . ولكن بشئ من الإنصاف يمكن أن نعدد من المزايا التى فى تلك الألعاب بما يصعب حصره . وهنا نترك لكم ف...