في بيوتنا القديمة وقبل ظهور الكهرباء التي أصبح لا غنى لأي انسان عنها في شتى المجالات، كان الناس يضيئون منازلهم ببعض أدوات الإنارة البدائية مثل الفانوس واللمبة والمسرجة، وغيرهم. وهي التي تحولت اليوم بعد ظهور التقنيات الحديثة في انظمة الانارة إلى ديكورات توضع في بعض اركان المنزل، حيث كانت تلك الادوات تتمتع بتصميم ملفت رغم بدائيته.
المسرجة أو السراج
وعن تلك الادوات القديمة يقول محمد عمر حميد: حتى قبل خمسين عاماً فقط كان مصدر الإضاءة الوحيد هو النار، وكنا نستعمل لذلك عدة طرق للتمكن من استعمال النار داخل أطر معينة لتحويلها إلى ضوء دون التعرض لضررها، وكنا نستعمل لذلك بعض الأدوات البدائية في ذلك الوقت، كفتائل القطن أو لحاء الشجر. وقديماً جدا كان يستخدم لوقود النار بعض الزيوت وشحوم الحيوانات حتى ظهر ما عرف في ذلك الوقت باسم “الكاز” وليس الغاز المعروف حاليا، فالكاز هو ما يعرف الآن بالكيروسين، أما الأداة الأولى المستعملة في إضاءة المنازل فهي ما عرف في تلك الأيام باسم “المسرجة”، وفي بعض المناطق تسمى بالسراج وهي خفيفة الضوء صغيرة الحجم، وكانت غالباً ما توضع على بدايات السلالم أو بالقرب من غرف الخدمات كدورات المياه أو المطبخ، وكانت المسرجة مكشوفة وقد تهب نسمة هواء خفيفة فتطفئها لذلك توضع في أماكن ضيقة لا تتعرض لتيارات الهواء، فكانت عبارة عن إناء صغير غالباً يكون مصنوعا من الفخار أو من التنك وهو معدن النحاس الخفيف، وتصنع على شكل إسطواني يوضع في آخره الكاز وإن كان الشمع قد استخدم في فترة من الفترات وتظهر منه فتيلة تشتعل فتعطي ضوءاً خافتاً.
الفانوس
ويضيف حميد: ظهر أيضا ما سمي في تلك الأيام بالفانوس وهو معروف جداً حتى في هذه الأيام، فهناك من لازال يستعمله في الرحلات البرية الباردة وهو عبارة عن خزان معدني سفلي دائري الشكل به فتحة لتعبئة الكاز وله غطاء مسنن وحافظتان من الجوانب ورأس في الأعلى به فتحات تهوية مناسبة ومرتبط الرأس مع الخزان السفلي بواسطة الحافظتين الجانبيتين، وله زجاجة في الوسط تمنع الهواء من أن يطفئ الفتيلة وللزجاجة حامل للرفع والتنزيل وله فتيلة في وسط الخزان من الأعلى متصلة بقطعة من الحديد تمكن المستخدم من رفع الفتيلة أو خفضها حسب الحاجة، وللحامل مقبض مثبت من الأعلى وذلك لحمل الفانوس والتنقل به من مكان لآخر حيث يوفر الغطاء الزجاجي حماية للفتيل المشتعل من تيارات الهواء حيث لا تطفئه تيارات الهواء الشديدة.
مقاسات وإضاءات
وعلى نفس أسلوب الفانوس كان هناك ما يسمى باللمبة وهي تشبه تماماً عمل الفانوس ولكنها بدون الأطر المعدنية إنما لها ذراع طويل لرفع الفتيل أو خفضه مما ينتج عنه زيادة الضوء الصادر أو خفضه وكانت اللمبة في ذلك الوقت تخصص لأفضل غرف المنزل وتقدم للضيوف دليلاً على الترحيب والحفاوة وكانت هناك أربع مقاسات للمبة تبدأ من الواحد حتى الأربعة، وفي السابق عندما نذكر بأننا قد استعملنا لمبة رقم أربعة في استقبال الضيوف فهذا يعني أن الضيوف كانوا كثيري العدد حتى أننا اضطررنا لاستخدام لمبة رقم أربعة والتي قد لا يتجاوز ضوؤها حالياً أصغر أنواع اللمبات الكهربائية، أضف إلى ذلك أن لمبة رقم أربعة لم تكن موجودة إلا لدى ميسوري الحال في ذلك الوقت.
تنظيف يومي
أما السيدة أم صالح فتقول: وبعد أن ينتهي المساء وتشرق الشمس آذنةً بيوم جديد يأتي دور ربات البيوت في تنظيف الأطر الزجاجية التي تغطي جسم الفانوس واللمبة من الاسوداد الذي يتسبب فيه لهيب الفتيلة المشتعلة وكان هذا يتم يومياً مع الحرص التام على عدم كسر الزجاجة وذلك لغلاء سعرها قياساً على الحياة البسيطة في ذلك الوقت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق