الأربعاء، 14 ديسمبر 2011

اليورانيوم

اليورانيوم
يعد اليورانيوم المادة الخام الأساسية للبرامج النووية، المدنية منها والعسكرية. يستخلص اليورانيوم إما من طبقات قريبة من سطح الأرض أو عن طريق التعدين من باطن الأرض. ورغم أن مادة اليورانيوم توجد بشكل طبيعي في أنحاء العالم المختلفة، إلا أن القليل منه فقط يوجد بشكل مركز كخام يمكن الاستفادة منه.
 
 
حينما تنشطر ذرات معينة من اليورانيوم في تسلسل تفاعلي، ينجم عن ذلك انطلاق للطاقة، وهي العملية التي تعرف باسم الانشطار النووي. ويحدث الانشطار النووي ببطء في المنشآت النووية، بينما يحدث نفس الانشطار بسرعة هائلة في حالة تفجير سلاح نووي. وفي الحالتين يتعين التحكم في الانشطار تحكما بالغا.
ويكون الانشطار النووي في أفضل حالاته حينما يتم استخدام النظائر من اليورانيوم 235 (أو البلوتونيوم 239)، والمقصود بالنظائر هي الذرات ذات نفس الرقم الذري ولكن بعدد مختلف من النيوترونات. ويعرف اليورانيوم-235 بـ «النظير الانشطاري» لميله للانشطار محدثا تسلسلا تفاعليا، مطلقا الطاقة في صورة حرارية.
وحينما تنشطر ذرة من اليورانيوم-235 فإنها تطلق نيوترونين أو ثلاثة نيوترونات. وحينما تتواجد إلى جانبها ذرات أخرى من اليورانيوم-235 تصطدم بها تلك النيوترونات مما يؤدي لانشطار الذرات الأخرى، وبالتالي تنطلق نيوترونات أخرى.
ولا يحدث التفاعل النووي إلا إذا توافر ما يكفي من ذرات اليورانيوم-235 بما يسمح بأن تستمر هذه العملية كتسلسل تفاعلي يتواصل من تلقاء نفسه. ويعرف هذا المتطلب بـ «الكتلة الحرجة». غير أن كل ألف ذرة من اليورانيوم الطبيعي تضم سبع ذرات فقط من اليورانيوم-235، بينما تكون الذرات الأخرى الـ993 من اليورانيوم الأكثر كثافة ورقمه الذري يورانيوم-238.
التحويل
بعد استخلاص اليورانيوم ينقل الخام إلى أداة لطحنه في صورة مسحوق ناعم، يتم تكريره بعد ذلك في عملية كيميائية وإعادة تشكيله في هيئة صلبة تعرف باسم « الكعكة الصفراء»، للونها الأصفر. يذكر أن 60% إلى 70% من الكعكة الصفراء من اليورانيوم، وهي نشطة إشعاعيا.
والهدف الأساسي للعلماء النوويين هو زيادة كمية الذرات من اليورانيوم-235، وهي العملية التي تعرف بالتخصيب. ولكي يمكن الوصول إلى هذه المرحلة، يتعين أن يتحول اليورانيوم أولا إلى غاز، المعروف باسم سداسي فلوريد اليورانيوم وذلك بتسخينه لنحو 64 درجة مئوية.
ولسداسي فلوريد اليورانيوم خواص مؤكسدة وهو قابل للتفاعل بسهولة، وعلى ذلك يتعين التعامل معه بعناية بالغة. ويتعين مد أنابيب وإنشاء مضخات خاصة في وحدات التحويل من الألومنيوم والنيكل. كما ينبغي أن يكون الغاز بمنأى عن الزيت ومواد التشحيم حتى لا تحدث أي تفاعلات كيميائية غير مطلوبة.
  التخصيب
 
هدف التخصيب هو زيادة نسبة ذرات اليورانيوم-235 الانشطاري في اليورانيوم. ولكي يكون اليورانيوم قابل للتفاعل في مفاعل نووي لابد من تخصيبه ليحتوي على 2-3% من اليورانيوم-235. أما اليورانيوم الداخل في صناعة الأسلحة فلابد أن يحتوي على 90% يورانيوم-235 أو أكثر.
ومن أساليب التخصيب الشائعة الاستعانة بجهاز طرد مركزي غازي، حيث يتم تدوير سداسي فلوريد اليورانيوم في غرفة اسطوانية بسرعات شديدة. ويؤدي هذا إلى انفصال النظير يورانيوم-238 الأكثر كثافة عن النظير يورانيوم-235 الأخف.
ويتحرك اليورانيوم-238 الأثقل نحو قاع الغرفة حيث يتم استخلاصه، بينما تبقى تجمعات ذرات اليورانيوم-235 الأخف قرب المركز حيث يتم تجميعها. وبعد ذلك يضخ اليورانيوم-235 في جهاز طرد مركزي آخر، وتتكرر تلك العملية عدة مرات عبر سلسلة من أجهزة الطرد المركزية.
ويعرف اليورانيوم المتبقي - وهو بالأساس من اليورانيوم-238 بعد إزالة كافة ذرات اليورانيوم-235 منه - باليورانيوم المنضب، وهو معدن ثقيل ومشع بشكل بسيط ويستخدم كمكون في القذائف الخارقة للدروع وغيرها من الذخائر.
ومن أساليب التخصيب الأخرى الأسلوب الذي يعرف بالترشيح. ويعتمد هذا الأسلوب على أنه بين النظيرين الموجودين في غاز سداسي فلوريد اليورانيوم، فإن اليورانيوم-235 ينتشر بسرعة أكثر عبر مرشح خاص عن السرعة التي ينتشر بها النظير الأثقل، اليورانيوم-238. وكما هو الحال مع أسلوب الطرد المركزي، يلزم تكرار هذه العملية مرات عديدة.
  المفاعل
 
 
تعتمد المفاعلات النووية على أساس أن الانشطار النووي يولد حرارة، يمكن الاستفادة منها واستخدامها في تسخين المياه لتكوين البخر وتشغيل التوربينات. ويستخدم المفاعل النووي المعتاد اليورانيوم المخصب في شكل « كريات » من الوقود حجم كل واحدة منها تقريبا حجم العملة وطولها نحو بوصة. ويتم تشكيل تلك الكريات على هيئة قضبان طويلة تعرف باسم الحزم ويتم الاحتفاظ بها داخل حجرة مضغوطة شديدة العزل.
وفي الكثير من محطات توليد الطاقة، يتم تغطيس الحزم في الماء للإبقاء عليها باردة، وتستخدم محطات أخرى ثاني أكسيد الكربون أو المعدن المذاب لتبريد قلب المفاعل.
ولكي يمكن استخدام اليورانيوم في المفاعل؛ لإنتاج الحرارة عبر تفاعل انشطاري، ينبغي أن تكون قاعدة اليورانيوم قاعدة نشطة أي أن يكون اليورانيوم مخصبا بما يكفي للسماح بحدوث تسلسل تفاعلي يستمر من تلقاء ذاته. ولتنظيم هذه العملية، ولتمكين المنشأة النووية من العمل، يتم إدخال قضبان تحكم في غرفة المفاعل، وهي قضبان مصنوعة من مادة، عادة ما تكون الكادميوم، تمتص النيوترونات المتولدة من الذرات داخل المفاعل.
فكلما تم إقلال النيوترونات كلما تم تحجيم التفاعلات المتسلسلة بما يبطئ من عملية انشطار ذرات اليورانيوم. وتوجد أكثر من 400 محطة نووية لتوليد الطاقة في العالم، تنتج نحو 17% من كهرباء العالم. كما تستخدم المفاعلات النووية لتوليد الطاقة للغواصات والقطع البحرية.
  قنبلة اليورانيوم
 
 
هدف مصممو القنبلة النووية تخليق قاعدة نشطة من اليورانيوم المخصب تغذي تفاعلا تسلسليا وتطلق كميات هائلة من الحرارة بشكل عنيف. ومن بين أبسط تصميمات تلك القنبلة، التصميم الذي يطلق عليه تصميم «المدفع».
وفي هذا التصميم يتم قذف قاعدة نشطة بكمية أصغر منها من المادة النشطة، مما يؤدي إلى إثارة التفاعل التسلسلي لليورانيوم ويحدث انفجارا نوويا. وتحدث تلك العملية في أقل من ثانية. ولتخليق الوقود لقنبلة اليورانيوم، يتم أولا تحويل سداسي فلوريد اليورانيوم عالي التخصيب إلى أكسيد اليورانيوم، ثم إلى صبات من معدن اليورانيوم.
ويمكن عمل ذلك باستخدام عمليات كيميائية وهندسية بسيطة نسبيا. ويحدث أقوى سلاح انشطاري بدائي - وهو القنبلة الذرية - انفجارا بقوة 50 كيلوطن. ويمكن زيادة تلك القوة الانفجارية باستخدام تكنيك يطلق عليه اسم التعزيز، يعمل على تحجيم خصائص الاندماج النووي.
ويقصد بالاندماج اندماج نوايات الذرات من نظائر الهيدروجين لإنتاج نوايات هليوم. وتحدث تلك العملية حينما يتم تعريض نوايات الهيدروجين لحرارة وضغط شديدين، وكلاهما من نواتج القنبلة النووية. وينتج الاندماج النووي نيوترونات أكثر بما يحفز التفاعل الانشطاري أكثر، وبالتالي ينجم انفجار أشد. ويطلق على تلك الأسلحة المعززة اسم القنابل الهيدروجينية، أو الأسلحة الحرارية-النووية.
المعالجة
يقصد بها العملية الكيميائية التي تفصل الوقود المفيد لإعادة تدويره من النفاية النووية. ويتم نزع الغلاف الخارجي المعدني للقضبان النووية المستخدمة قبل أن يتم تذويبها في حامض النيتريك الساخن، وهو ما ينتج اليورانيوم (96%)، والذي يعاد استخدامه في المفاعلات، ونفاية شديدة الإشعاع (3%)، فضلا عن البلوتونيوم (1%).
كل المفاعلات النووية تنتج البلوتونيوم، غير أن المفاعلات العسكرية تنتجه بكفاءة أكثر من المفاعلات المبنية لأغراض أخرى. ويمكن إخفاء وحدة معالجة ومفاعل لإنتاج ما يكفي من البلوتونيوم في مبنى يبدو عاديا من الخارج. وهو ما يجعل استخلاص البلوتونيوم عن طريق المعالجة خيارا مغريا لأي بلد يرغب في متابعة برنامج سري للأسلحة.
  قنبلة البلوتونيوم
 
 
يوفر البلوتونيوم عدة مزايا لا تتوفر في اليورانيوم كمكون لسلاح نووي. إذ يكفي نحو أربعة كيلوجرامات من البلوتونيوم لصناعة قنبلة، بينما تنفجر مثل هذه القنبلة بقوة 20 كيلوطن. ولإنتاج 12 كيلوجراما من البلوتونيوم في العام، لا يلزم سوى منشأة معالجة صغيرة نسبيا.
ويتكون الرأس الحربي من نطاق من البلوتونيوم محاط بغلاف من مادة مثل البريليوم تعكس النيوترونات مرة أخرى لمواصلة العملية الانشطارية. ويعني هذا أنه يلوم كمية أقل من البلوتونيوم للوصول إلى قاعدة نشطة، وإنتاج تفاعل انشطاري يستمر من تلقاء ذاته.
وقد تجد مجموعة إرهابية أو بلد أنه من الأسهل الحصول على البلوتونيوم من المفاعلات النووية المدنية، بدلا من محاولة الحصول على اليورانيوم المخصب، لإنتاج قنبلة نووية. ويعتقد الخبراء أن الإرهابيين بإمكانهم تصميم قنبلة بلوتونيوم بدائية وتجميعها إذا توافر لديهم من المهارة ما لا يتجاوز ما توافر لجماعة أوم شينري كيو الدينية المتطرفة التي هاجمت مترو أنفاق اليابان بغاز الأعصاب عام 1995. وبإمكان قنبلة نووية من هذا النوع أن تنفجر بقوة تعادل 100 طن من مادة تي إن تي - وهو ما يتجاوز أضخم هجوم تفجيري إرهابي حدث حتى الآن بعشرين ضعفا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ألعاب زمان

قد يستحقر البعض أساليب اللعب زمان . ولكن بشئ من الإنصاف يمكن أن نعدد من المزايا التى فى تلك الألعاب بما يصعب حصره . وهنا نترك لكم ف...