الأحد، 2 نوفمبر 2014

الكولسترول





 
من اشهر التحاليل التي يتم اجراؤها والمتعلقة بالدهون لدى الناس السليمين، او لدى مرضى القلب وغيرهم كمن لديهم مرض السكري او ارتفاع ضغط الدم وغيرها، هو تحليل الدهون في الدم او ما يسمى لدى البعض تحليل الكولسترول.
يشمل هذا الفحص قياس نسبة اربعة امور في الدم، وهي: الكولسترول الكلي والكولسترول الخفيف والكولسترول الثقيل والدهون الثلاثية.


كيف يتم التحليل:
يتم أخذ عينة من دم وريد الانسان المراد تحليل دهون الدم لديه، بعد ان يمتنع عن تناول الطعام والشراب بكل انواعه ما عدا الماء لمدة تتراوح بين 9- 12ساعة. ويتم التأكيد على هذا الامر قبل اخذ عينة الدم وكذلك في العيادة للمرضى، وخاصة  عند قراءة نتائج مرتفعة، حيث يعيد الطبيب سؤال الإنسان المراجع لديه عن عدد ساعات صيامه كي ما تبنى استنتاجات  سليمة.
والسبب وراء طول هذه المدة اللازم صيامها مقارنة بتلك التي في حال تحليل السكر، هو ان الدهون بعد امتصاص الامعاء لها تحتاج الى وقت اطول كي ما يتم توزيعها في الجسم ويستقر امر نسبتها بما يعكس النسبة الدائمة لها والتي تؤثر على الجسم مقدارها. وتجرى بحوث عندما تستقر نتائجها بما يمكن من تحليل الدهون دون الحاجة الى الصيام قبلها.
وتجب مراعاة عدم اجراء هذا الفحص في وجود عارض صحي طارئ يشكو منه المرء، او في حال الحمل لدى السيدات، او ان هناك تغيراً كبيراًفي الوزن نتيجة اتباع حمية حديثة، فهذه الامور تؤثر على نسبة الدهون حال فحصها بما لا يعكس نسبة الدهون لدى المرء طوال الوقت الماضي.
تستخدم بعض المختبرات تحليل الدهون في الدم عبر اخذ عينة منه بعد وخز طرف الإصبع، كما في تحليل السكر، وهي طريقة جيدة لكن تحتاج الى العديد من الاحتياطات في اخذ عينة الدم كي ما تكون النتيجة دقيقة.
لمن يجرى تحليل الدهون:
يشير تقرير الهيئة الاستشارية للبرنامج القومي الامريكي للكولسترول في عام 2002م الى ان اجراء فحص الدهون في الدم يجب ان يتم مرة كل  5سنوات للبالغين من عمر العشرين فما فوق، وسنتحدث عن الدهون لدى صغار السن في حلقة مستقلة. هذا بالنسبة للناس السليمين من امراض الشرايين والناس الاقل عرضة للاصابة بها.
ويتم النظر الى مرضى الشرايين والناس الاكثر عرضة للاصابة بها وفق ضوابط اخرى.
ان هناك عوامل تزيد من خطورة اصابة المرء بأمراض الشرايين تمت معرفتها بناءً على دراسات واسعة في هذا المجال، بعضها استغرق اكثر من  40سنة وذلك لتحديد كيفية حساب نسبة عرضة هذا الانسان او ذاك للاصابة بأمراض الشرايين، وسنأتي عليها مفصلة لاحقاً. لكن الامر الذي يهمنا هنا ان تحليل الدهون يجرى في مدد اقل مما تقدم حينما تدعو الحاجة الى ذلك، كمتابعة تأثير العلاج او الحمية على معدل الدهون، وذلك لدى ثلاث فئات من الناس:
1- المرضى المصابون بتصلب الشرايين في شرايين القلب او الاطراف او الكلى او الرقبة وغيرها. وكذا المرضى المصابون بمرض السكري، الذي تعد الاصابة به موازية للاصابة بتصلب الشرايين حال النظر الى امر الدهون وخطورة تأثيرها على الشرايين لديهم، وهذا ما سيتم الحديث عنه في حلقة اخرى.
2- من لديهم عاملان من عوامل الخطورة.
3- من لديهم عامل واحد، ونسبة الدهون قريبة من اعلى درجة في المعدل الطبيعي.
لماذا تضطرب الدهون في جسم الانسان:
نقول اضطراب لا ارتفاع، لان الضرر لا يكون بارتفاع بعض انواعها المختلفة، بل انخفاض بعضها ضار ايضاً.
تتعدد الحالات التي يصاحبها اضطراب في الدهون والتي تؤدي في نهاية الامر الى حصول تصلب الشرايين. وتنقسم هذه الحالات الى نوعين رئيسيين:
اولاً: الحالات الابتدائية: وهي وراثية في الغالب، وتصنف الى خمسة انواع، منها النادر ومنها الشائع بين الناس.
واسبابها الجينية تكمن اما لقصور عن انتاج الناقلات البروتينية الدهنية التي تحدثنا عنها سابقاً وهي التي تنقل الكولسترول والدهون الثلاثية من مكان الى آخر داخل الجسم، وبالتالي تزيد من نسبتها في الدم او تقل على اختلاف النوع الناقص منها. او لنقص او انعدام مستقبلات هذه الناقلات، او لقصور في انتاج المواد اللازمة لدى مستقبلات هذه الناقلات لاستخلاص انواع الدهون المختلفة منها بما لا يمكن هذه الناقلات البروتينية الدهنية من تفريغ حمولتها من الكولسترول والدهون الثلاثية الامر الذي يرفع من نسبة بعض انواعها في  الدم.
إحدى انواعها الخمسة يسمى "ارتفاع الكولسترول العائلي" ويصيب في بعض المجتمعات واحداً من كل  500شخص، وربما اعلى من هذا  في مجتمعات اخرى. وهناك نوع يدعى "ارتفاع الانواع المشتركة للدهون العائلي" وفيه ارتفاع لانواع مختلفة من الدهون، ويصيب في بعض المجتمعات واحداً من كل  50شخصاً، وهو السبب في حوالي 20% من اصابات امراض الشرايين المبكرة، اي التي تحصل دون سن الخامسة والخمسين بالنسبة للرجال.
ثانياً: الحالات الناتجة عن اسباب اخرى، والعديد من امراض الجسم يصاحبها ارتفاع او انخفاض في بعض انواعها، ولعل اشهرها مرض السكري، وكسل الغدة الدرقية، والفشل الكلوي. وترتفع الدهون نتيجة تناول بعض الادوية كالكورتيزون وغيرها.
انواع الدهون التي يتم تحليل نسبتها:
هناك اربعة انواع يتم قياس نسبتها حال تحليل الدم للدهون:
اولاً: الكولسترول الخفيف:
تختلف انواع الكولسترول في الجسم من ثقيل الى متوسط وخفيف وخفيف جداً وذلك باعتبار حجم البروتين الدهني الناقل له فحسب. ويشكل الكولسترول الخفيف ما نسبته 70% من كمية الكولسترول الكلي في الدم وهو اهمها من ناحية الاثر المرضي.
يسبح الكولسترول الخفيف في الدم متجهاً اما الى الكبد او صادراً عنه، فالكبد يصنع 80% من الكولسترول في الجسم والباقي من وجبة الطعام، وتستقبله خلايا الجسم المختلفة عبر موانئ او مستقبلات خاصة. تملك هذه الموانئ مواد تفرزها لكي تستخلص الكولسترول من ناقله.
فاذا ما كان هناك نقص في مستقبلاتها كما في بعض الحالات الوراثية او غيرها من الامراض، او لعدم كفاءة هذه المستقبلات في اداء عملها عبر قصور افرازها للانزيمات اللازمة  لاستخلاص الكولسترول منها، فان هذا الكولسترول الخفيف لا يجد مفراً من الترسب في اماكن لايجب ان يترسب فيها، كالشرايين مثلاً، ومن هنا تبدأ المعاناة من هذا الترسب غير الطبيعي.
ثانياً: الكولسترول الثقيل:
ويعمل هذا الكولسترول عبر ناقله الثقيل وزناً على جميع الكولسترول المترسب في الاجزاء المختلفة من الجسم ونقله بالتالي الى الكبد التي تقوم بالتخلص منه. فهو مفيد بهذا الاعتبار، ويعد ارتفاع عامل وقاية للإنسان من ترسب الكولسترول في الشرايين.
ويوجد في الجسم العديد من انواعها، والبحوث ما تزال تجري لمعرفة المزيد عن فائدتها وآلية عملها. لكن استقرار الرأي الطبي حول فائدة ارتفاعه قديم لدى الباحثين وذلك منذ نهاية الثمانينات من القرن الماضي، والذي يلاحظ ان نقص هذا البروتين الدهني الثقيل بمقدار 1% يزيد من عرضة الاصابة بأمراض شرايين القلب بمعدل 3%.
ان هناك جملة من العوامل تؤدي الى انخفاض نسبة هذا الكولسترول المفيد، لعل اهمها زيادة الوزن وقلة النشاط البدني بحد ذاته، اضافة  الى التدخين ومرض السكري وتعد العوامل الوراثية مسؤولة عن 50% من حالات نقص معدل هذا الكولسترول.
ثالثاً: الكولسترول الكلي:
ويتم به قياس نسبة الكولسترول عموماً في الدم، ولا يكتفي عادة بمعرفة هذه النسبة في حالات العلاج بالذات، بل ربما في حالات تحليل الدم لمعرفة من يتم له قياس الكولسترول الخفيف والثقيل.
رابعاً: الدهون الثلاثية:
سبقت الاشارة الى سبب تسميتها بالثلاثية حيث انها تتكون من  3احماض شحمية متصلة بمركب "الغلسرين".
وتشير اليه الهيئة الاستشارية في تقريرها الثالث المتقدم ذكره بقولها: بعد مراجعة الدراسات الحديثة، فإن هيئة الخبراء استنتجت علاقة بين ارتفاع الدهون الثلاثية وارتفاع الاصابة بامراض شرايين القلب، اكبر مما كان عليه الاعتقاد في السابق. لذا فان ملاحظة ارتفاع الدهون الثلاثية لدى المرء تسهم في معرفة مقدار عرضته للاصابة بامراض القلب بما يوجب بذل الجهد في معالجة ذلك. والى هذا كانت اشارتها في عرض اسباب ارتفاع الدهون الثلاثية والتي تشكل زيادة الوزن وقلة النشاط البدني اكبر اسبابه، اضافة الى زيادة تناول السكريات وتناول المشروبات الكحولية. كما ان هناك امراضاً اخرى يصاحبها ارتفاع في الدهون الثلاثية خاصة مرض السكري اضافة الى العوامل الوراثية.
المعد ل الطبيعي وتعامل الاطباء معه:
ان تحديد المعدل الطبيعي لانواع الدهون في الدم يختلف من انسان الى آخر بناء على حالته الصحية. فلدى مرضى الشرايين ومرضى السكري يجب ان يكون معدل الكولسترول الخفيف اقل بكثير مما يعد طبيعياً لدى الناس السليمين منهما. وينبه الاطباء المرضى الى هذه الملاحظة، فالغاية ان تكون نسبة الكولسترول الخفيف اقل من  160ملغ لدى عامة الناس، لكن مرضى الشرايين ومرضى السكري يجب أن تكون النسبة لديهم تقل عن  100ملغ، نظراً لاحتمال تأثر شرايينهم بنسب اقل من الطبيعي.
هذه ابرز الجوانب حول تحليل الدهون، وسنعرض في الحلقة القادمة كل نوع من انواع الدهون في آلية نشوء تصلب الشرايين بشكل تفصيلي.

*استشاري امراض القلب للكبار. بمركز الأمير سلطان للقلب.
د. حسن محمد صندقجي*

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ألعاب زمان

قد يستحقر البعض أساليب اللعب زمان . ولكن بشئ من الإنصاف يمكن أن نعدد من المزايا التى فى تلك الألعاب بما يصعب حصره . وهنا نترك لكم ف...