الأحد، 31 يناير 2016

ســلمى بماذا تفكرين


قصيدة المساء – إيليا أبو ماضي

ســلمى بماذا تفكرين ..

السحب تركض في الفضاء الرّحب ركض الخائفين
و الشمس تبدو خلفها صفراء عاصبة الجبين
و البحر ساج صامت فيه خشوع الزاهدين
لكنّما عيناك باهتتان في الأفق البعيد
سلمى ... بماذا تفكّرين ؟
سلمى ... بماذا تحلمين ؟

أرأيت أحلام الطفوله تختفي خلف التّخوم ؟
أم أبصرت عيناك أشباح الكهوله في الغيوم ؟
أم خفت أن يأتي الدّجى الجاني و لا تأتي النجوم ؟
أنا لا أرى ما تلمحين من المشاهد إنّما
أظلالها في ناظريك تنمّ ، يا سلمى ، عليك
إنّي أراك كسائح في القفر ضلّ عن الطّريق
يرجو صديقاً في الفـلاة ، وأين في القفر الصديق
يهوى البروق وضوءها ، و يخاف تخدعه البروق
بل أنت أعظم حيرة من فارس تحت القتام
لا يستطيع الانتصار
و لا يطيق الانكسار

هذي الهواجس لم تكن مرسومه في مقلتيك
فلقد رأيتك في الضّحى و رأيته في وجنتيك
لكن وجدتك في المساء وضعت رأسك في يديك
و جلست في عينيك ألغاز ، و في النّفس اكتئاب
مثل اكتئاب العاشقين
سلمى ... بماذا تفكّرين ؟

بالأرض كيف هوت عروش النّور عن هضباتها ؟
أم بالمروج الخضر ساد الصّمت في جنباتها ؟
أم بالعصافير التي تعدو إلى و كناتها ؟
أم بالمسا ؟ إنّ المسا يخفي المدائن كالقرى
و الكوخ كالقصر المكين
و الشّوك مثل الياسمين

لا فرق عند اللّيل بين النهر و المستنقع
يخفي ابتسامات الطروب كأدمع المتوجّع
إنّ الجمال يغيب مثل القبح تحت البّرقع
لكن لماذا تجزعين على النهار و للدّجى
أحلامه و رغائبه و سماؤه و كواكبه ؟

إن كان قد ستر البلاد سهولها ووعورها
لم يسلب الزهر الأريج و لا المياه خريرها
كلّا ، و لا منع النّسائم في الفضاء مسيرها
ما زال في الورق الحفيف و في الصّبا أنفاسها
و العندليب صداحه لا ظفره و جناحه

فاصغي إلى صوت الجداول جاريات في السّفوح
واستنشقي الأزهار في الجنّات ما دامت تفوح
و تمتّعي بالشّهب في الأفلاك ما دامت تلوح
من قبل أن يأتي زمان كالضّباب أو الدّخان
لا تبصرين به الغدير و لا يلذّ لك الخرير

لتكن حياتك كلّها أملا جميلا طيّبا
و لتملإ الأحلام نفسك في الكهولة و الصّبى
مثل الكواكب في السماء و كالأزاهر في الرّبى
ليكن بأمر الحبّ قلبك عالما في ذاته
أزهاره لا تذبل و نجومه لا تأفل

مات النهار ابن الصباح فلا تقولي كيف مات
إنّ التأمّل في الحياة يزيد أوجاع الحياة
فدعي الكآبة و الأسى و استرجعي مرح الفتاة
قد كان وجهك في الضّحى مثل الضّحى متهلّلا
فيه البشاشة و البهاء ليكن كذلك في المساء

يا أسود




(يا أسود)
في إحدى المدن جاءت امرأة بدوية إلى (الكاشير) و أبت نفسها أن  يتقدمها رجل أسود . ، فقالت له بلهجتهم : (وخر ياأسود) ،بتشديد الخاء وكسرها ،
فتفاجأ بهذا الإحراج أمام جميع المشترين و وسط ذهول الجميع قال لها:  أسود ؟ أسود ؟ .......
الأسود ساترك يا أمرأه ـ و يقصد عبايتها السوداﺀ ـ
قالت لي يا أسود 
السواد هو الوطن في القارة السمراء
سوادي هبة خالقي وأحس بالرضاء .
لوني شرف لي وللكعبة كساء
للرجال مميز للشوارب و اللحاء
سوادي في العيون زينة و بدونه عماء
لوني شهامة و رجولة ما به ما يساء
سوادي خيام بادية لعروبة كرماء
تعلمين لوني للمرأة ستر و جمال و غطاء
سوادي على كل رأس أمنية النساء
و إن كان شعرك أبيض تشترين لوني بسخاء
و بعدما تضعينه تعودين شباباً للوراء
تقولين أسود ؟

و كل من يزور الكعبة يقبل لوني بانحناء
السواد هو صندوق سر لرحلات الفضاء .
السواد هو بترول بدل صحاريك إلى واحة خضراء
لولا السواد ما سطع نجم و لا ظهر بدر في السماء
السواد هو لون بلال مؤذن خير الأنبياء
لولا السواد لا سكون و لا سكينة بل تعب و ابتلاء
تقولين أسود ؟

و السواد فيه التهجد والقيام و السجود و الرجاء
فيه الركوع و الخشوع و التضرع لاستجابة الدعاء
فيه ذهاب نبينا من مكة للأقصى ليلة الإسراء
لو ضاع السواد منا علينا أن نستغفر و نجهش بالبكاء
عـزيزتي..
تأملي الزرع والضرع و سر حياتنا في سحابة سوداء
اسمعيني و الله أنت مريضة بداء الكبرياء
أنصتي لنصيحتي يا امرأة و لوصفة الدواء .
عليك بحبة مباركة من لوني مع جرعة من ماء
أنا لست مازحاً و ستنعمي و الله بالصحة و الشفاء
سامحيني يا و لكل حرف جاء و كلمة هجاء
و كل ما ذكرت هو حلم في غفوة ليل أسود أو مساء
لا أسود و لا أبيض بيننا في شرعنا سواء
كلنا من خلق الله الواحد نعود لآدم و أمنا حواء

مع البط






























 




الجمعة، 29 يناير 2016

ثلاثون نهياً شرعياً للنساء


ثلاثون نهياً شرعياً للنساء
1 - نهي المرأة عن وصل شعرها.
2 - نهي المرأة عن الوشم والفلج والنمص.
3 - نهي المرأة عن الخروج متطيبة.
4 - نهي المرأة عن إبداء الزينة أمام الرجال.
5 - نهي المرأة عن الإمتناع عن فراش زوجها.
6 - نهي المرأة عن إذاعة أسرار الإستمتاع بين الزوجين.
7 - نهي المرأة عن صوم التطوع وزوجها حاضر إلا بإذنه.
8 - نهي المرأة عن الإنفاق من بيت زوجها إلا بإذنه.
9 - نهي المرأة عن معصية زوجها.
10 - نهي المرأة عن طلب الطلاق من زوجها في غير ما بأس.
11 - نهي المرأة عن كفران العشير.
12 - نهي المرأة عن الخلوة بأجنبي.
13 - نهي المرأة عن النظر إلى الأجانب.
14 - نهي المرأة عن مصافحة الأجانب.
15 - نهي المرأة عن التشبه بالرجال.
16 - نهي المرأة عن أن تصف المرأة لزوجها.
17 - نهي المرأة عن النظر إلى عورة المرأة أو مباشرتها في الثوب الواحد.
18 - نهي المرأة عن السفر بغير محرم.
19 - نهي المراة عن الخروج من منزلها لغير حاجة.
20 - نهي المرأة عن دخول الحمام (يقصد بالحمام أماكن الإستحمام والإغتسال العامة وتقابلها اليوم ما تسمى بدور التجميل والمساج والسونا والبخار).
21 - نهي المرأة عن النوح و اللطم وشق الثياب عند المصيبة.
22 - نهي المرأة عن الغيبة والنميمة والتجسس والظلم.
23 - نهي المرأة عن الهجران بين المسلمين فوق ثلاثة أيام.
24 - نهي المرأة عن اتباع الجنائز.
25 - نهي المرأة عن زيارة القبور وقطيعة الرحم.
26 - نهي المرأة عن إتيان الكهان والمنجمين.
27 - نهي المرأة عن الدعاء على الأولاد.
28 - نهي المرأة عن تعذيب الخدم.
29 - نهي المرأة عن إيذاء الجار.
30 - نهي المرأة عن الحداد على ميت فوق ثلاث أيام إلا على زوجها أربعة أشهر وعشرة أيام .
فلتحذري أختي المسلمة من الوقوع فيما نهى الله عنه فإنه من أسباب دخول النار يوم القيامة , وعليك بالإستغفار والتوبة إذا ارتكبت معصية أو وقعتِ فيما نهى الله ورسوله ﷺ عنه.




كم يعاقبك الله وأنت لا تدري




العقاب المحسوس وغير المحسوس
قال أحد الطلاب لشيخه: "كم نعصي الله ولا يعاقبنا".
فرد عليه الشيخ: "كم يعاقبك الله وأنت لا تدري".!

ألم يسلبك حلاوة مناجاته ..!!
وما ابتلي أحد بمصيبة أعظم عليه من [قسوة قلبه].

إن أعظم عقاب يمكن أن تلقاه هو قلة التوفيق إلى أعمال الخير .
ألم تمر عليك الأيام دون قراءة للقرآن .
بل ربما تسمع قوله تعالى: {لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله} .. وأنت لا تتأثر كأنك لم تسمعها ..!!!

ألم تمر عليك الليالي الطوال وأنت محروم من [القيام] ..؟!
ألم تمر عليك مواسم الخير: رمضان .. ست شوال .. عشر ذي الحجة . ولم تُوفق إلى استغلالها كما ينبغي ..
أي عقاب أكثر من هذا؟!
ألا تحس بثقل الطاعات ؟!
ألم يُمسِك لسانك عن ذكره تعالى؟!
ألا تحس بضعف أمام الهوى والشهوات ؟
ألم تبتلى بحب المال والجاه والشهرة ؟
أي عقاب أكثر من ذلك؟!

ألم تسهل عليك الغيبة والنميمة والكذب؟!
ألم يشغلك الفضول بالتدخل فيما لا يعنيك؟!
ألم يُنسِك الآخرة ويجعل الدنيا أكبر همك؟!

هذا الخذلان ما هو إلا صور من عقاب الله .
إحذر يا بني فإن أهون عقاب لله : " ما كان محسوساً" في المال أو الولد أو الصحة .
وأن أعظم عقاب "ما كان غير محسوس"في القلب .
فاسأل الله العافية واستغفر لذنبك.

الخميس، 28 يناير 2016

الملكة






قصة رمزية

يحكى أن رجلاً تزوج امرأة آية في الجمال ..
فأحبها وأحبته وكانت نعم الزوج لنعم الرجل ..
ومع مرور الأيام اضطر الزوج للسفر طلبا للرزق ..
ولكن .. قبل أن يسافر أراد أن يضع امرأته في أيدٍ أمينة لأنه خاف
من جلوسها وحدها في البيت فهي امرأة لا حول لها ولا قوة فلم يجد غير أخ له من أمه وأبيه ..
فذهب إليه وأوصاه على زوجته وسافر
ولم ينتبه لحديث الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم : الحمو الموت !!
ومرت الأيام .. وخان هذا الأخ أخيه فراود الزوجة عن نفسها إلا أن الزوجة أبت أن تهتك عرضها وتخون زوجها ..
فهددها أخو الزوج بالفضيحة إن لم تطيعه ..
فقالت له افعل ما شئت فإن معي ربي وعندما عاد الرجل من سفره
قال له أخوه على الفور أن امرأتك راودتني عن نفسي وأرادت خيانتك إلا أنني لم أجبها !!
طلق الزوج زوجته من غير أن يتريث ولم يستمع للمرأة وإنما صدق أخاه !
انطلقت المرأة .. لا ملجأ لها ولا مأوى ..
وفي طريقها مرت على بيت رجل عابد زاهد ..
فطرقت عليه الباب .. وحكت له الحكاية .. فصدقها وطلب منها أن تعمل عنده على رعاية ابنه الصغير مقابل أجر .. فوافقت ..
في يوم من الأيام خرج هذا العابد من المنزل .. فأتى الخادم وراود المرأة عن نفسها ..
إلا أنها أبت أن تعصي الله خالقها !!
وقد نبهنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم إلى أنه ما خلى رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما !
فهددها الخادم بأنه سينال منها إذا لم تجبه .. إلا أنها ظلت على صمودها فقام الخادم بقتل الطفل !
عندما رجع العابد للمنزل قال له الخادم بأن المرأة قتلت ابنه .. فغضب العابد غضباً شديداً ..
إلا أنه احتسب الأجر عند الله سبحانه وتعالى .. وعفى عنها .. وأعطاها دينارين كأجر لها على خدمتها له في هذه المدة وأمرها بأن تخرج من المنزل
قال تعالى : (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)
خرجت المرأة من بيت العابد وتوجهت للمدينة فرأت عددا من الرجال يضربون رجلا بينهم ..
فاقتربت منهم وسألت أحدهم .. لمَ تضربونه ؟؟ فأجابها بأن هذا الرجل عليه دين فإما أن يؤديه وإما أن يكون عبداً عندهم ..
فسألته : وكم دينه ؟؟
قال لها : إن عليه دينارين ..
فقالت : إذن أنا سأسدد دينه عنه .. دفعت الدينارين وأعتقت هذا الرجل فسألها الرجل الذي أعتقته : من أنت ؟
فروت له حكايتها فطلب منها أن يرافقها ويعملا معا ويقتسما الربح بينهما فوافقت ..
قال لها إذن فلنركب البحر ونترك هذه القرية السيئة فوافقت .. عندما وصلا للسفينة أمرها بأن تركب أولا ..
ثم ذهب لربان السفينة وقال له أن هذه جاريته وهو يريد أن يبيعها فاشتراها الربان وقبض الرجل الثمن وهرب ..
تحركت السفينة .. فبحثت المرأة عن الرجل فلم تجده ورأت البحارة يتحلقون حولها ويراودونها عن نفسها فتعجبت من هذا الفعل ..
فأخبرها الربان بأنه قد اشتراها من سيدها ويجب أن تطيع أوامره الآن فأبت أن تعصي ربها وتهتك عرضها وهم على هذا الحال إذ هبت عليهم عاصفة قوية أغرقت السفينة فلم ينجو من السفينة إلا هذه المرأة الصابرة
وغرق كل البحارة .. وكان حاكم المدينة في نزهة على شاطئ البحر في ذلك اليوم ورأى هبوب العاصفة مع أن الوقت ليس وقت عواصف ..
ثم رأى المرأة طافية على لوح من بقايا السفينة فأمر الحرس بإحضارها ..
وفي القصر .. أمر الطبيب بالاعتناء بها .. وعندما أفاقت .. سألها عن حكايتها .. فأخبرته بالحكاية كاملة ..
منذ خيانة أخو زوجها إلى خيانة الرجل الذي أعتقته فأعجب بها الحاكم وبصبرها وتزوجها ..
وكان يستشيرها في كل أمره فلقد كانت راجحة العقل سديدة الرأي وذاع صيتها في البلاد ..
ومرت الأيام .. وتوفي الحاكم الطيب .. واجتمع أعيان البلد لتعيين حاكم بدلاً عن الميت ..
فاستقر رأيهم على هذه الزوجة الفطنة العاقلة فنصبوها حاكمة عليهم
فأمرت بوضع كرسي لها في الساحة العامة في البلد ..
وأمرت بجمع كل رجال المدينة وعرضهم عليها ..
بدأ الرجال يمرون من أمامها فرأت زوجها .. فطلبت منه أن يتنحى جانباً
ثم رأت أخو زوجها .. فطلبت منه أن يقف بجانب أخيه ..
ثم رأت العابد .. فطلبت منه الوقوف بجانبهم ..
ثم رأت الخادم .. فطلبت منه الوقوف معهم ..
ثم رأت الرجل الخبيث الذي أعتقته .. فطلبت منه الوقوف معهم ..
ثم قالت لزوجها .. لقد خدعك أخوك .. فأنت بريء .. أما هو فسيجلد لأنه قذفني بالباطل !
ثم قالت للعابد .. لقد خدعك خادمك .. فأنت بريء .. أما هو فسيقتل لأنه قتل ابنك !
ثم قالت للرجل الخبيث .. أما أنت .. فستحبس نتيجة خيانتك وبيعك لامرأة أنقذتك !
وفي ذلك نرى أن الله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب .. اللهم استرنا فوق الارض وتحت الارض ويوم العرض.

الثلاثاء، 26 يناير 2016

تهنئة النصارى بأعيادهم



هل يجوزتهنئة النصارى بأعيادهم ؟؟
الكثير من المسلمين ستعلو صيحاتهم نعم يجوز وماذا فى ذلك
هذه قد تكون إجابة بعض المثقفين المسلمين العرب الذين يدعون معرفة الدين ،  بل قد تكون إجابة بعض علماء الأزهرووجهة نظرهم فى ذلك درء الفتنة للحفاظ على الوحدة الوطنية . وقد يزيد ويقول وما الضرر فى ذلك ، كفى تنطعا وتشددا فى الدين .
ومن يسمع هذا الكلام بالقطع سوف يفهم أنه يجوز تهنئة النصارى فى أعيادهم .

ومن عادة المصريين أن يفتوا بغيرعلم فلو سألت أحدهم عن أى شئ لأجاب بكل ثقة إجابة لا تمت للصحة بصلة
ولكن المعروف فى الدين أنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق كما قال النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى رواه البخارى ( 13 / 203 - فتح )
لا طاعة لبشر في معصية الله , إنما الطاعة في المعروف " .
وقد يقول قائل ماهى المعصية فى ذلك ؟؟
و قبل أن أسترسل فى الإجابة أقول لماذا ونحن أغلبية نتنازل دائما للأقلية بدعوى المحافظة على الوحدة الوطنية ؟؟
المهم فى البداية إعلم أن الدين ليس بالرأى أو العاطفة أو الإستحسان .. ولا يخضع للأهواء ولا للأمزجة ولا للمناسبات . إنما يخضع لنصوص ...صحيحة .. تفهم بفهم السلف رضوان الله عليهم .
وتثار كل فترة هذه الزوبعة وهى زوبعة تهنئة النصارى كلما مر عيد من أعيادهم ، فهل يجوز شرعا تهنئة النصارى بأعيادهم وما الضرر من ذلك ؟؟
فى البداية نقول : هل النصارى ينتظرون تهنئة المسلمين لهم بأعيادهم ؟؟ أوهل ينتظر المسلمون بلهفة تهنئة النصارى ؟؟ لا أعتقد ذلك .
إذا فلماذا هذه الضجة التى تثار فى الإعلام كلما جاء عيد من أعياد النصارى خاصة ؟
الحقيقة أن النصارى لا يهمهم ذاك ، ولكن هذه الضجة يفتعلها العلمانيون الذين يكرهون الإسلام وتعاليمه والذين يسيطرون على وسائل الإعلام ، فهم يحاولون إثارة البلبلة لإضعاف هيبة الإسلاميين وتوجيه الإتهامات لهم بحق وغير حق ويتشدقون بالوحدة الوطنية بين المسلمين والنصارى وهم لا يهمهم تلك الوحدة بقدر ما يهمهم إستغلالها للنيل من الإسلاميين .
ونرجع لأصل الموضوع : هل يجوز تهنئة النصارى بأعيادهم ؟؟
والجواب أنه لاشئ فى تهنئة النصارى بإعيادهم طالما أن هذه التهنئة لا تتعارض مع ثوابت الإسلام .
كما شرحنا من قبل فإن النصارى كفار كما أن المسلمين عندهم كفار . ولكن لهم المعاملة بالحسنى .
وهذا كمعاملة الأب والأم المشركين . يقول تعالى (وَوَصَّيْنَا الْأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (العنكبوت:8)
أى أن المسلم يتعامل مع والديه بالحسنى ولكن إن أمراه بالشرك فلا يطعهما . والأمر هنا كذلك ، لك أن تهنئ النصرانى بزواج أو بمولود ... ...ولكن نهنئهم بعيد يطعن فى ثوابت الإسلام فهذا ما لا يصح مطلقا . فحينما يطلب من المسلم أن يهنئهم بما يسمى عيد القيامة المجيد فهل يهنئهم ؟؟ الجواب : نفهم أولا معنى عيد القيامة المجيد .
عيد القيامة معناه أن يسوع الذى هو عيسى عليه السلام عندنا والذى يعتبرونه إله قد صُلب ومات ودُفن وخرج من قبره فى اليوم الثالث .
فهل نهنئهم بذلك ؟؟؟
لا بالطبع . ولكن لماذا ..

لأن الله سبحانه وتعالى قال إن المسيح لم يُصلب ولم يُقتل ولكن رفعه الله إليه فيقول الله سبحانه وتعالى ( وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً) (النساء:157)
والنصارى يقولون أن المسيح صلب ومات ودفن ثم فى اليوم الثالث قام .. وهذا هو عيد القيامة....
********
فأيهما أصدق الله سبحانه وتعالى أم كلام النصارى ؟؟؟؟
إذن كيف أقول لهم أهنئكم بقيامة المسيح بعد أن صلب ودفن .. مخالفا نصا صريحا فى القرآن؟؟
إن من يعتقد أن المسيح صلب ومات ودفن وقام .. فقد كفربكلام الله عز وجل ( وهذا ليس كلامى أنما هو من أساس هذا الدين وعقيدته )
ولماذا صُلب المسيح .؟؟؟؟؟؟؟؟؟
لأنه ابن الله الوحيد الذى ضحى به ليصلب ليكفّر عن خطايا البشر.. ومن هنا كان الصليب مصدر عز للنصارى .
هل نعتقد هذا الهراء ؟؟؟؟؟
وفى هذه الأيام جاءت مناسبة ميلاد النبى محمد صلى الله عليه وسلم . وميلاد المسيح عليه السلام
فلماذا تثار ضجة حول تهنئة المسلمين الأغلبية للنصارى الأقلية ؟ ولم يهتم العالم بأسره من النصارى بتهنئة النصارى للمسلمين
ونحن كمسلمين لا يوجد عندنا أصلا إحتفالا بميلاد النبى صلى الله عليه وسلم لأنه بدعة منكرة وكذلك ميلاد عيسى عليه السلام . وللعلم فإن تاريخ ميلاد كلا النبيين خطأ عند الطائفتين
وهل تعرف معنى عيد الميلاد المجيد ( معناه عيد ميلاد الرب يسوع الذى هو إله العالم ) فهل تعتقد هذا أيها المسلم ؟؟؟
نترك الأمر لفطنة القارئ ونقول :
على كل من يتكلم فى دين الإسلام أن يعلم أنه ليس كل بيضاء شحمة ولا كل سوداء فحمة !!!!
أما فيما عدا الأعياد التى تخالف ثوابت الدين فلك أن تهنئه وتعزيه 

ومع ذلك لا يجوز ظلمهم أو انتقاص حقهم أو تكليفهم فوق طاقتهم ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الذى رواه أبو داود " ألا من ظلم معاهدا , أو انتقصه , أو كلفه فوق طاقته ,
أو أخذ منه شيئا بغيرطيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة " .
 

 هذا والله أعلى وأعلم

الأربعاء، 20 يناير 2016

مقاصد الشريعة الإسلامية








مقاصد الشريعة الإسلامية
ماذا نقصد بالمقاصد؟
مفهوم المقاصد
يطلق مصطلح مقاصد الشريعة على الأهداف العامة التي تسعى الشريعة إلى تحقيقها في حياة الناس . وتطلق أيضا على الأهداف الخاصة التي شرع لتحقيق كل منها حكم خاص .
أقسام المقاصد في الشريعة الإسلامية
المقصد العام :
هو تحقيق مصالح الخلق جميعا في الدنيا والآخرة ، ويتحقق هذا من خلال جملة أحكام الشريعة الإسلامية .
المقاصد الخاصة :
هي الأهداف التي تسعى الشريعة إلى تحقيقها في مجال خاص من مجالات الحياة كالنظام الاقتصادي أو الأسري أو السياسي . . . إلخ . وذلك عن طريق الأحكام التفصيلية التي شرعت لكل مجال على حدة .
مراتب المصالح البشرية
ومصالح الناس من حيث الأهمية على ثلاث مراتب :
أ- الضروريات :
وهي ما لا يستغني الناس عن وجودها بأي حال من الأحوال ويأتي على رأسها الكليات الخمس كما سيأتي بيانه .
ب- الحاجيات :
وهي ما يحتاج الناس إليه لتحقيق مصالح هامة في حياتهم ، يؤدي غيابها إلى المشقة واختلال النظام العام للحياة ، دون زواله من أصوله ، كما يظهر في تفصيلات أحكام البيوع والزواج وسائر المعاملات .
ج- التحسينيات :
وهي ما يتم بها اكتمال وتجميل أحوال الناس وتصرفاتهم ، مثل الاعتناء بجمال الملبس وإعداد المأكل وجميع محاسن العادات في سلوك الناس .
 


أولا : حفظ الدين :
قدر الإسلام ما للدين من أهمية في حياة الإنسان حيث يلبي النزعة الإنسانية إلى عبادة الله ، ولما يمد به الإنسان من وجدان وضمير ، ولما يقوى في نفسه من عناصر الخير والفضيلة ، وما يضفي على حياته من سعادة وطمأنينة .
نظرا لتلك الأسباب كلها كان الدين ضرورة حياة بالنسبة للإنسان ، قال تعالى : { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ } ونظرا لتلك الاعتبارات حافظت شريعة الإسلام على الدين ، سواء من حيث غرسه في النفوس وتعميقه فيها ابتداء ، أو من حيث تدعيم أصله وتعهده بما ينميه ويحفظ بقاءه استمرارا ودواما ، وشرعت لذلك الوسائل التالية :
أ-وسائل حفظ الدين من جانب الوجود :
من وسائل غرس الدين في النفوس ابتداء في الشريعة الإسلامية الوسائل التالية :
1- ترسيخ اليقين بأصول الإيمان وأركانه ، وهي الإيمان بالله ورسله وكتبه وملائكته واليوم الآخر والقدر خيره وشره ، يقول الله تعالى : { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ } ويقول تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا } .
2- إقامة هذا الإيمان على البرهان العقلي والحجة العلمية ، ومن هنا كانت دعوة الإسلام إلى النظر والتدبر : { أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ } ، وكان نعيه على أولئك الذين لا يتفكرون في الآيات المبثوثة في الكون { وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ } كما شن حملة شعواء على تقاليد الآباء وأخذ المعتقدات من غير نظر ولا برهان { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ } .
3- القيام بأصول العبادات وأركان الإسلام من صلاة وزكاة وصوم وحج ، بعد النطق بالشهادتين فهذه العبادات من أهم أسرارها وحكمها أنها تصل العبد بربه وتوثق صلته به مما يرسخ أصل الإيمان في نفسه ويجدده ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ، فيما يرويه عن ربه « وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه »
ويقول صلى الله عليه وسلم : « بني الإسلام على خمس شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا »
4- إيجاب الدعوة إلى الله وحمايتها وتوفير أسباب الأمن لحملها { وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } ، { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } ، { يَابُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ } ، { أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى }{ عَبْدًا إِذَا صَلَّى } ، { إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ }


ب- وسائل المحافظة على الدين من جانب البقاء
والمقصود بها الوسائل التي انتهجتها الشريعة في المحافظة على الدين بعد حصوله ، لصيانته وإزالة العوائق من طريقه ، وتزكيته في النفوس .
ومن هذه الوسائل : -
1- كفالة حرية العقيدة والتدين وحمايتها فالإسلام لا يكره أحدا على اعتناقه ، ويسمح بتعايش مختلف الأديان داخل دياره وفي رحاب دولته ، ويترك الحرية لأهل الأديان في عقائدهم وممارستهم التعبدية وتصرفاتهم المدنية كما قال صلى الله عليه وسلم : « لهم ما لنا وعليهم ما علينا » بل إن من أهداف الجهاد الإسلامي تأمين حرية الاعتقاد والتدين ، قال تعالى : { وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا } .
2- تشريع الجهاد تمكينا للدين ودرءًا للعدوان وحماية للاعتقاد قال تعالى : { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } ، { وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا } .
3- الالتزام بتعاليم الدين وتطبيقها بعد القناعة بها وبذلك تظل للدين حيويته في النفوس وأثره في الوجدان ، ومن هنا قرن الإيمان والعمل الصالح في كثير من نصوص القرآن ، إذ كثيرا ما يرد في القرآن : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } .
4- تشريع عقوبة الردة وذلك حتى يكون الإنسان جادا في اعتناقه للإسلام ، وحتى لا يقدم على الإسلام إلا بعد قناعة تامة ، فالإسلام لا يكره أحدا على اعتناقه . بل إن الله لا يقبل من الدين إلا ما كان نابعا عن قناعة من صاحبه ، فإذا دخله الشخص فمن المفروض أن يكون على قناعة بما اتخذ من قرار ، فإذا ارتد بعد ذلك فمعنى ذلك أنه أحدث بلبلة فكرية وسياسية تضطرب بها أوضاع المجتمع ، ويفقد استقراره الفكري والنفسي المنشود . كما قال تعالى مبينا دعوة المشركين إلى هذه السياسة : { وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }
ونظرا لذلك شرعت عقوبة الردة . حماية لجدية الاعتقاد ، وحرمة الدين .
5- إقامة سياج من الحاجيات والتحسينات كأداء الصلاة جماعة ، كنوافل العبادات المختلفة وبكل هذه التشريعات يتأصل الدين ، ويرسخ في نفس الإنسان وفي المجتمع ، مما يحقق الأنس والسكينة والخير للفرد والمجتمع .
 ثانيا : حفظ النفس
 
فمن ضروريات الحياة الإنسانية : عصمة النفس وصون حق الحياة .
وقد شرع الإسلام عدة وسائل للمحافظة على النفس :
- فمن جهة الوجود : -
*شرع الزواج من أجل التناسل والتكاثر وإيجاد النفوس لتعمر العالم وتشكل بذرة الحياة الإنسانية في الجيل الخالف ، وقد نوه الإسلام بالعلاقة المقدسة بين الزوجين واعتبرها آية من آيات الله { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً }
- أما من جهة الاستمرار والدوام : فقد شرع عدة وسائل لحفظ النفس .
1- أوجب على الإنسان أن يمد نفسه بوسائل الإبقاء على حياته من تناول للطعام والشراب وتوفير اللباس والمسكن ، فيحرم على المسلم أن يمتنع عن هذه الضروريات إلى الحد الذي يهدد بقاء حياته . كما اعتبر الحصول على هذه الضروريات هو الحد الأدنى الذي يلزم المجتمع ممثلا في الدولة بتوفيره للأفراد العاجزين عن توفيره لأنفسهم ، بل أوجب على الإنسان -إذا وجد نفسه مهددة- أن يدفع عن نفسه الهلاك بأكل مال غيره بقدر الضرورة .
2- أوجب على الدولة إقامة الأجهزة الكفيلة بتوفير الأمن العام للأفراد ، من قضاء وشرطة وغيرها ، مما يحقق الأمن للمجتمع .
3- أوجب المحافظة على كرامة الآدمي بمنع القذف والسب ، ومنع الحد من نشاط الإنسان من غير مبرر ، وبهذا حمى حريات الفكر والعمل والرأي والإقامة والتنقل وكفلها قال الله تعالى : { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا } .
4- تشريع الرخص بسبب الأعذار الموجبة للمشقة التي تلحق النفس فينشأ منها ضرر عليها ، ومن ذلك : رخص الفطر في رمضان بسبب المرض والسفر ، وقصر الصلاة في السفر .
5- حرم الإسلام قتل النفس سواء قتل الإنسان نفسه أم قتله غيره قال الله تعالى : { وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } وشنع على هذه الجريمة فاعتبر قتل نفس واحدة : بمثابة قتل الناس جميعا ، قال تعالى : { مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا } ، { وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ } ، { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا } وفي الحديث : « من قتل معاهدا لم يرح ريح الجنة » (حديث صحيح) .





6- أوجب القصاص في القتل العمد ، والدية والكفارة في القتل خطأ قال تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى } قال تعالى : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا } .
7- إعلان الجهاد حفظا للنفوس وحماية للمستضعفين { وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ } .
8- أوجب على المسلم إنقاذ من يتعرض للقتل ظلما أو يتعرض لخطر إن استطاع أن ينقذه .
9- كما شرع للإنسان أن يدفع عن نفسه إذا هاجمه من يريد الاعتداء عليه دون تحمل أية مسؤولية إذا مات المهاجم ، وثبت أنه كان يريد الاعتداء عليه .
ثالثا : حفظ العقل



للعقل في الإسلام أهمية كبرى فهو مناط المسؤولية ، وبه كرم الإنسان وفضل على سائر المخلوقات ، وتهيأ للقيام بالخلافة في الأرض وحمل الأمانة من عند الله ، قال تعالى : { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ } ولهذه الأهمية الخاصة حافظ الإسلام على العقل وسن من التشريعات ما يضمن سلامته وحيويته ومن ذلك :
1- أنه حرم كل ما من شأنه أن يؤثر على العقل ويضر به أو يعطل طاقته كالخمر والحشيش وغيرها قال تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } .
2- كما شرع العقوبة الرادعة على تناول المسكرات وذلك لخطورتها وأثرها البالغ الضرر على الفرد والمجتمع .
3- أنه ربى العقل على روح الاستقلال في الفهم والنظر واتباع البرهان ونبذ التقليد غير القائم على الحجة كما في قوله تعالى : { أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ } ، { وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ } ، { قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } .
4- كما دعا إلى تنمية العقل ماديا ومعنويا : ماديا بالغذاء الجيد الذي يقوي الجسم وينشط الذهن ، ومن هنا كره للقاضي أن يقضي وهو جائع ، وفضل تقديم الطعام على الصلاة إذا حضرا معا . أما معنويا فبالتأكيد على طلب العلم واعتباره أساس الإيمان ، قال تعالى : { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } ، { وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا } كما أتاح فرصة التعليم للجميع وجعله حقا مشاعا بين أفراد المجتمع ، بل جعل حدا أدنى منه واجبا على كل مسلم ومسلمة .
5- رفع مكانة العقل وتكريم أولي العقول ففي أكثر من آية من القرآن الكريم ، قال الله تعالى : { فَبَشِّرْ عِبَادِي }{ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ } ، { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ } ، { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ }
6- تحرير العقل من سلطان الخرافة وإطلاقه من إسار الأوهام ، ومن هنا حرم الإسلام السحر والكهانة والشعوذة وغيرها من أساليب الدجل والخرافة . كما أنه منع على العقل الخوض في الغيبيات من غير سلطان أو علم يأتيه من الوحي المنزل على الأنبياء ، واعتبر ذلك مسببا في هدر طاقته من غير طائل قال تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ }
7- تدريب العقل على الاستدلال المثمر والتعرف على الحقيقة وذلك من خلال وسيلتين :
أ-الأولى : أنه وضع المنهج الصحيح للنظر العقلي المفيد لليقين ، من هنا كانت دعوته إلى التثبيت قبل الاعتقاد ، قال تعالى : { وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } ، { هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا }
ب-الثانية : الدعوة إلى التدبر في نواميس الكون لاستكشافها وتأمل ما فيها من دقة وترابط ، وإلى استخدام الاستقراء والتمحيص الدقيق من أجل الوصول إلى اليقين .
8- وجه الطاقة العقلية إلى استخلاص حكم التشريع وأسراره { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا }
9- كما وجهه إلى استخلاص الطاقات المادية في الكون والاستفادة منها في بناء الحضارة { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ }
10- كما فتح له باب الاجتهاد في التشريع فيما لا نص فيه وذلك في مجالين :
أ- معرفة واستخلاص المقاصد والأهداف من النصوص والأحكام الشرعية .
ب- استنباط الأحكام والتشريعات للحوادث المستجدة ، وهو مجال واسع يستند إلى مبادئ عدة كالقياس والمصلحة والاستحسان وغيرها .
رابعا : حفظ النسل ( العرض )


ويراد به حفظ النوع الإنساني على الأرض بواسطة التناسل ذلك أن الإسلام يسعى إلى استمرار المسيرة الإنسانية على الأرض حتى يأذن الله بفناء العالم ويرث الأرض ومن عليها . ومن أجل تحقيق هذا المقصد شرع الإسلام المبادئ والتشريعات التالية :
1- شريعة الزواج : فقد شرع الإسلام الزواج ورغب فيه واعتبره الطريق الفطري النظيف الذي يلتقي فيه الرجل بالمرأة لا بدوافع غريزية محضة ولكن بالإضافة إلى تلك الدوافع ، يلتقيان من أجل تحقيق هدف سام نبيل هو حفظ النوع الإنساني وابتغاء الذرية الصالحة التي تعمر العالم وتبني الحياة الإنسانية وتتسلم أعباء الخلافة في الأرض لتسلمها إلى من يخلف بعدها حتى يستمر العطاء الإنساني وتزدهر الحضارة الإنسانية في ظل المبادئ النبيلة والقيم الفاضلة .
2- العناية بتربية النشء وتعميق روابط الألفة : إلزام الأبوين برعاية أولادهما والإنفاق عليهم حتى يتحقق للأولاد الاستغناء عن نفقة الأبوين .
3- العناية بالأسرة وإقامتها على أسس سليمة باعتبارها الحصن الذي يحتضن جيل المستقبل ويتربى فيه ، فقد جعل الإسلام علاقة الزواج قائمة على الاختيار الحر والتراضي بين الطرفين ، وعلى الانسجام والتشاور في كافة الشؤون بحيث تشيع روح المودة والتفاهم ، وسعي كل من الزوجين في سعادة الآخر ، قال تعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً }
4- إحاطة العلاقة بين الذكر والأنثى بمجموعة من المبادئ والآداب الأخلاقية التي تضمن تحقيق الأهداف السامية لهذه العلاقة وتستبعد الممارسات الفوضوية للعلاقات بين الجنسين ، فعن طريق إيجاب غض بصر الذكر عن الأنثى والأنثى عن الذكر يقطع الإسلام الطريق على وسائل الإثارة في النفس البشرية . وبإيجاب اللباس الساتر بمواصفات خاصة يحارب التشريع أسباب الفتنه . وفي غير حالات الضرورة القصوى يحرم على الرجل الاختلاء بالمرأة الأجنبية حتى وإن كانت ملتزمة باللباس الساتر ، إلا بوجود أحد محارمها . وللبيوت في الإسلام حرمة عظيمة حيث لا يجوز دخولها دون استئذان أصحابها والسلام عليهم .
قال تعالى : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا } وبالإضافة إلى هذه الآداب وغيرها يضع الإسلام الضوابط التي تنظم حالات اجتماع الرجال والنساء عند الحاجة .
5- تحريم الاعتداء على الأعراض ، ولذا حرم الله الزنا كما حرم القذف ، وحدد لكل منها عقوبة رادعة قال تعالى : { الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ } ، { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا }
خامسا : حفظ المال


كما هو شأن الإسلام دائما مع النزعات الفطرية للإنسان حيث يبيح إشباعها ويلبي مطالبها ضمن الحدود المعقولة ، مع التهذيب والترشيد حتى تستقيم وتحقق الخير للإنسان ولا تعود عليه بالشر ، كان هذا شأنه مع نزعة حب التملك الأصلية في الإنسان, فقد أباح الملكية الفردية وشرع في ذات الوقت من النظم والتدابير ما يتدارك الآثار الضارة التي قد تنجم عن طغيان هذه النزعة من فقدان للتوازن الاجتماعي ، وتداول للمال بين فئة قليلة من المجتمع ، ومن النظم التي وضعها لأجل ذلك نظم الزكاة والإرث والضمان الاجتماعي ، ومن ثم اعتبر الإسلام المال ضرورة من ضروريات الحياة الإنسانية ، وشرع من التشريعات والتوجيهات ما يشجع على اكتسابه وتحصيله ، ويكفل صيانته وحفظه وتنميته ، وذلك على النحو التالي :
وسائل الحفاظ على المال إيجادا وتحصيلا :
1 / الحث على السعي لكسب الرزق وتحصيل المعاش فقد حث الإسلام على كسب الأموال باعتبارها قوام الحياة الإنسانية واعتبر السعي لكسب المال -إذا توفرت النية الصالحة وكان من الطرق المباحة- ضربا من ضروب العبادة وطريقا للتقرب إلى الله قال تعالى : { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ } وقال تعالى : { فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ } .
2 / أنه رفع منزلة العمل وأعلى من أقدار العمال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما أكل أحد طعاما قط خيرا من عمل يده وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده » حديث صحيح ، وقرر حق العمل لكل إنسان وجعل من واجب الدولة توفير العمل لمن لا يجده ، كما قرر كرامة العامل وأوجب الوفاء بحقوقه المادية والمعنوية ، يقول صلى الله عليه وسلم : « أعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه » ويقول فيما يرويه عن ربه : « ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجل أعطى بي ثم غدر ، ورجل باع حرا فأكل ثمنه ، ورجل استأجر أجيرا ولم يوفه حقه » وقرر أن أجر العامل يجب أن يفي بحاجياته .
قال صلى الله عليه وسلم : « من ولي لنا عملا وليس له منزل فليتخذ منزلا ، أو ليست له زوجة فليتخذ زوجة ، أو ليس له مركب فليتخذ مركبا » وهذا ما يطلق عليه في العصر " الحديث بمبدأ " تحديد الحد الأدنى للأجور .
3 / إباحة المعاملات العادلة التي لا ظلم فيها ولا اعتداء على حقوق الآخرين ، ومن أجل ذلك أقر الإسلام أنواعا من العقود كانت موجودة بعد أن نقاها مما كانت تحمله من الظلم ، وذلك كالبيع والإجارة والرهن والشركة وغيرها ، وفتح المجال أمام ما تكشف عنه التجارب الاجتماعية من عقود شريطة أن لا تنطوي على الظلم أو الإجحاف بطرف من الأطراف أو تكون من أكل أموال الناس بالباطل .
وسائل المحافظة على المال بقاء واستمرارا :
1 / ضبط التصرف في المال بحدود المصلحة العامة ومن ثم حرم اكتساب المال بالوسائل غير المشروعة والتي تضر بالآخرين ، ومنها الربا لما له من آثار تخل بالتوازن الاجتماعي ، قال تعالى : { وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا } وقال : { وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ } .
2 / كما حرم الاعتداء على مال الغير بالسرقة أو السطو أو التحايل وشرع العقوبة على ذلك قال تعالى : { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا } وأوجب الضمان على من أتلف مال غيره قال صلى الله عليه وسلم : « كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه » .
3 / منع إنفاق المال في الوجوه غير المشروعة ، وحث على إنفاقه في سبل الخير ، وذلك مبني على قاعدة من أهم قواعد النظام الاقتصادي الإسلامي وهي أن المال مال الله وأن الفرد مستخلف فيه ووكيل قال تعالى : { وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ } ، { وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ } ومن ثم كان على صاحب المال أن يتصرف في ماله في حدود ما رسمه له الشرع ، فلا يجوز أن يفتن بالمال فيطغى بسببه لأن ذلك عامل فساد ودمار قال تعالى : { وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا } ولا يجوز له أن يبذر في غير طائل قال تعالى : { وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا }{ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ } .
4 / سن التشريعات الكفيلة بحفظ أموال القصر والذين لا يحسنون التصرف في أموالهم ، من يتامى وصغار حتى يبلغوا سن الرشد ومن هنا شرع تنصيب الوصي عليه قال تعالى : { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ } وقال تعالى : { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ } ومن ذلك الحجر على البالغ إذا كان سيئ التصرف في ماله قال تعالى : { وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا } .
5 / تنظيم التعامل المالي على أساس من الرضا والعدل ومن ثم قرر الإسلام أن العقود لا تمضي على المتعاقدين إلا إذا كانت عن تراض وعدل ولذلك حرم القمار قال تعالى :
{ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ } .
6 / الدعوة إلى تنمية المال واستثماره حتى يؤدي وظيفته الاجتماعية وبناء على ذلك حرم الإسلام حبس الأموال عن التداول وحارب ظاهرة الكنز قال تعالى : { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } وبهذه التشريعات كلها حفظ الإسلام المال وصانه عن الفساد حتى يؤدي دوره كقيمة لا غنى عنها في حفظ نظام الحياة الإنسانية ، وتحقيق أهدافها الحضارية والإنسانية . شأنه في ذلك شأن كل المصالح السابقة التي تمثل أساس الوجود الإنساني وقوام الحياة الإنسانية ومركز الحضارة البشرية ، والتي بدون مراعاتها وحفظ نظامها يخرب العالم وتستحيل الحياة الإنسانية ويقف عطاؤها واستثمارها في هذا الوجود .

ألعاب زمان

قد يستحقر البعض أساليب اللعب زمان . ولكن بشئ من الإنصاف يمكن أن نعدد من المزايا التى فى تلك الألعاب بما يصعب حصره . وهنا نترك لكم ف...