الأحد، 12 أبريل 2015

«البلاليص»

 

 بالصور.. «البلاليص».. قرية يعمل أهلها صيفًا فقط 

 




الصناعات الفخارية من المهن الشائعة فى صعيد مصر، فهى من الصناعات فرعونية الأصل، والتى تحرص الكثير من بيوت القرى على الاعتماد على منتجاتها باعتبارها مصدرًا أساسيًا للعيش، ولكن هذه المهنة التى استمرت لقرون عدة من الزمن، أصبحت الآن مهددة بالاندثار بسبب التكنولوجيا الحديثة.
و قرية "الطويرات"، إحدى أهم القرى فى محافظة قنا، جنوب مصر، والتى تعد من أشهر القرى فى صناعة "البلاليص" التى تستخدم لحفظ العسل وتبريد المياه.. لا يخلو منزل مزارع فى الصعيد من هذا المنتج.


"و قرية "الطويرات" التى تبعد حوالى 15 كيلومترًا غرب مدينة قنا، حيث إنها تعد من أشهر القرى فى هذه الصناعة، لتكشف عن تفاصيلها، وأسرارها، التى تتسم بالبساطة ذلك أن خاماتها تعتمد على العناصر الطبيعة.
وصناعة البلاليص من المهن الشاقة التى تمر بعدة مراحل حتى تصل بهيئتها للمواطن البسيط، استمرت لعدة قرون، ويعتمد عليها الإنسان المصرى خصوصًا فى صعيد مصر".

   




وتمر صناعة البلاليص بعدة مراحل، و تكون البداية فى استخراج كميات من مادة "الطفلة" أى التربة الناعمة، من عمق 4 أو 5 أمتار، من مناجم الجبل، على أن يكون الحفر يدويًا ولا يستخدم الديناميت فى إخراجها خوفًا على حياة العاملين، وبعدها تقوم الجرارات الزراعية بحملها، وذلك بعد أن كانت الجمال هى الوسيلة التى تستخدم فى نقل هذه المادة.




وتعرض "الطفلة" لأشعة الشمس من شهر ديسمبر وحتى مارس حتى يخرج الجير منها، ثم يبدأ بعدها موسم الصناعة من 15 مارس وحتى آخر شهر أكتوبر"، معللا ذلك بأن هذه الصناعة صيفية ولا تصلح لموسم الشتاء.




وتعتبر عملية "التخمير" من المراحل التالية لهذه الصناعة، حيث توضع "الطفلة" خلالها فى حوش ويضاف لها نسبة من المياه، وفى اليوم الثانى تقوم جاموستين، بالدهس عليها من الساعة الـ12 ظهرًا وحتى الـ5 عصرا حتى تتم عملية التخمير، وتترك يومين ثم يقوم العامل بفرد "الطينة"، وتوضع بداخل تابوت لتقطع بشكل عمودى بعد ذلك.



صناعة هيكل البلاص تتم على 3 مراحل بعد الانتهاء من تحضير المادة، المرحلة الأولى يتم فيها تصنيع الرقبة التى توضع بعد 3 أيام على جسم البلاص، 
ثم المرحلة الثانية بتكفيله ليعرض بعد ذلك للشمس لمدة لا تقل عن 15 يوما، وبعد الانتهاء من عملية التصنيع تمامًا يوضع المنتج بداخل "المسلقة" وهى عبارة عن دائرة لها الكثير من الفتحات من الداخل حتى توفر التهوية اللازمة، وتستمر عملية الحرق لمدة 5 ساعات يكون وجه البلاص فيها لأسفل حتى تدخل فيه النار بشرط أن تكون النار هادئة، ويستخدم فيها البوص وليس المازوت، وتظل البلاليص بداخل الفرن مغطاة حتى لا تخرج منها السخونة لمدة يومين بعد عملية الحرق.




أما آخر مراحل هذه الصناعة ، هى عملية "البرج"، وهى وضع البلاليص على شكل معين فوق بعضها ليقوم بعد ذلك المسوق بتسويقها فى القرى والمحافظات، وتعتبر البحيرة أشهر محافظة استخدامًا لهذه البلاليص، إضافة إلى محافظات الدلتا والصعيد.



ويصنع فى الفترة من مارس وحتى أكتوبر من كل عام بداخل القريه حوالى 32 مسلقة، تنتج الواحدة منها حوالى 900 بلاص".



أما المؤسف بحسب  المشتغلين فى هذه الصناعة، أنه مع دخول التكنولوجيا الحديثة والتطور إلى المنازل، أصبحت هذه الصناعة مهددة بالاندثار والاختفاء، نظرًا لاعتماد الكثير من الأسر على البدائل المعاصرة مثل الثلاجات والأوانى الحديثة.

 

 



المستقبل المجهول


                         المستقبل المجهول
اختلف الناس فى طبائعهم عن ذى قبل , حيث اختلّت عندهم موازين الحياة وأصبح لكل منهم منهج خاص يتعامل به مع الآخرين , منهج لاينتمى لأى قانون من القوانين التى فى الأرض ولا فى السماء فتركوا قوانين الدين وقوانين الأخلاق العامة التى كانوا متعارفين عليها وكذلك الأعراف الطيبة التى كانت تحكم سلوكياتهم بفطرة الإنسان التى فطره الله عليها .
 وأصبح قوّاد السفينة أنفسهم على نفس الطباع . فهم قد خرجوا من هذا المستنقع .... مستنقع المصالح الخاصة ومبدأ أنا والطوفان من بعدى ..فأصبحت سفينة الحياة تتقاذفها أمواج الفوضى كأنها فى بحار تإن فيها الرياح ...وقد ضاع فيها المجداف والملاح .. فأصبح الحرام عيبا والعيب مباحا فأضحت أحوال العباد تجعل اللبيب حيران .. وأصبحت المحاكم متخمة  بآلاف القضايا الخاصة بالخلع والطلاق والنفقة ..ويخيل إليك من هذا الكم الهائل من الخلافات الأسرية أن كل من تزوج كان مصيره الخلع أوالطلاق .
ومع فساد السرائر فى العباد أصبحت نفقات الأطفال تنتزع من أنياب آبائهم .. وهى بالكاد لاتكفى حتى نفقات طعامهم فضلا عن مستلزمات حياتهم .... حتى أصبح مستقبل البلاد مرهونا بتلك النبتات من الأطفال التى يعتصرهم الأسى وانفصال الأب عن الأم وأصبحت بيئاتهم خليط من السرقة والقتل والتدخين والمخدرات والجنس والإغتصاب والتشرد والإحتيال
 
 فماذا يخرج من مستنقع هذا الأتون إلا رجالا أشبه بالشياطين ونساء أشبه بخيالات المآته .. 
إن مستقبل الحياة فى هذه الأمة المكلومة يستحث كل المصلحين ليداووا جراحات الفضيلة بل جراحات الإنسانية ويناشد كذلك حكامنا أن يكونوا حكاما بحق يضعوا مصلحة البلاد والعباد قبل مصالحهم الشخصية ويستعينوا بالمصلحين لتصحيح المسار وإذا لم يترك قادة السفينة الأمر لهؤلاء المصلحين ... فسنهلك جميعا بلا ريب وعلى أقل تقدير سيبتلعنا مستقبل مجهول .. الله وحده يعلم كنهه و سيكونوا هم أول ضحاياه .
تحياتى

ذكريات الطفولة

مع الماضىِ



































...




















قوة السلطان










إن الله ليزع بالسلطان مالايزع بالقرآن .
*********

حكى أن رجلاً قدم إلى بغداد للحج وكان معه عقد من الحب يساوي ألف دينار فاجتهد في بيعه فلم يوفق فجاء إلى عطار موصوف بالخير فأودعه إياه ثم حج وعاد فأتاه بهدية فقال له العطار من أنت وما هذا فقال أنا صاحب العقد الذي أودعتك، فما كلمه حتى رفسه رفسة رماه عن دكانه، وقال تدعي علي مثل هذه الدعوى، فاجتمع الناس وقالوا للرجل ويلك هذا رجل خير ما لحقت من تدعي عليه إلا هذا، فتحير الرجل وتردد إليه فما زاده إلا شتماً وضربا . فقيل له لو ذهبت إلى عضد الدولة فله في هذه الأشياء فراسة فكتب قصته وجعلها على قصبة ورفعها لعضد الدولة فصاح به فجاء فسأله عن حاله فأخبره بالقصة فقال اذهب إلى العطار غداً، واقعد على دكانه، فإن منعك فاقعد على دكان تقابله، من الصبح إلى المغرب ولا تكلمه، وافعل هكذا ثلاثة أيام فإني أمر عليك في اليوم الرابع وأقف وأسلم عليك فلا تقم لي ولا تزدني على رد السلام وجواب ما أسألك عنه فإذا انصرفت فأعد عليه ذكر العقد ثم أعلمني ما يقول لك فإن أعطاكه فجيء به إلي. قال فجاء إلى دكان العطار ليجلس فمنعه، فجلس بمقابلته ثلاثة أيام فلما كان اليوم الرابع اجتاز عضد الدولة في موكبه العظيم، فلما رأى الخراساني وقف وقال سلام عيكم فقال الخرساني ولم يتحرك: وعليكم السلام، فقال يا أخي تقدم فلا تأتي إلينا ولا تعرض حوائجك علينا، فقال كما اتفق ولم يشبعه الكلام وعضد الدولة يسأله ويستخفي وقد وقف ووقف العسكر كله والعطار قد أغمي عليه من الخوف،

فلما انصرف التفت العطار إلى الرجل فقال ويحك متى أودعتني هذا العقد، وفي أي شيء كان ملفوفاً، فذكرني لعلي أذكره، فقال من صفته كذا وكذا، فقام وفتش ثم نقض جرة عنده فوضع العقد فقال قد كنت نسيت، ولو لم تذكرني الحال ما ذكرت. فأخذ العقد ثم قال وأي فائدة لي في أن أعلم عضد الدولة ثم قال في نفسه لعله يريد أن يشتريه فذهب إليه فأعلمه، فبعث به مع الحاجب إلى دكان العطار فعلق العقد في عنق العطار وصلبه بباب الدكان ونودي عليه هذا جزاء من استودع فجحد. فلما ذهب النهار أخذ الحاجب العقد فسلمه إلى الرجل وقال اذهب.



أما مقدام سياسى

-->




أنا مقدام سياسى
-->

أتانـي بالنصائـح بعـض نـاسِ وقالـوا أنـت مِـقـدامٌ سيـاسـي
أترضى أن تعيش وأنـت شهـمٌ مـع امـرأةٍ تُقاسـي ماتُقاسـي
وإن غَضِبتْ عليك تنامُ فرداً ومحروما ً وتمعن فـي التناسـي
تـزوَّج باثنتيـنِ ولا تبالـي فنحـن أُولـوا التجـارب والِمـراسِ
فقلـت لهـم معـاذ الله إنـي أخـاف مـن اعتـلالـي وارتكـاسـي
فهـا أنـذا بـدأتْ تـروق حالـي ويـورق عودُهـا بعـد اليـبـاس
فلـن أرضـى بمشغـلـةٍ وهــمٍّ وأنـكـادٍ يـكـون بـهـا انغمـاسـي
لي امـرأةٌ شـاب الـرأسُ منهـا فكيـف أزيـد حظـي بانتكاسـي
فصاحوا سنَّة المختار تُنسى وتُمحـى أيـن أربـابُ الحمـاسِ؟
فقلتُ أضعتُـم سُننـاً عِظامـاً وبعـض الواجبـات بـلا احتـراسِ
لمـاذا سُنَّـةُ التعـداد كنـتـم لـهـا تسـعـون فــي عــزمٍ وبــاسِ
وشرع الله في قلبي و روحـي وسُنَّـة سيـدي منهـا اقِتباسـي
إذا احتاج الفتـى لـزواجِ أُخـرى فـذاك لـه بـلا أدنـى التبـاسِ
ولكـن الـزواج لـه شـروطٌُ وعـدلُ الـزوج مشـروطٌٌ أسـاسـي
وإن معاشر النسـوان بحـرٌ عظيـم المـوجِ ليـس لـه مراسـي
ويكفي ما حملـتُ مـن المعاصـي وآثـام تنـوء بهـا الرواسـي
فقالـوا أنـت خـوَّافٌ جبـانٌ فشبّـوا النـار فـي قلبـي وراســي
فخِضتُ غِمار تجرُبةٍ ضـروسٍ بهـا كـان افتتانـي وابتئاسـي
يحـزُّ لهيبهـا فـي القلـب حـزَّاً أشـد علـيَّ مـن حـزِّ المواسـي
رأيـت عجائبـاً ورأيـتُ أمـراً غريبـا فـي الوجـودِ بـلا قيـاسِ
وقلـتُ أظنُّنـي عاشـرت جِنَّـاً وأحسـب أنَّنـي بـيـن الأنـاسـي
لأتفه تافـهٍ وأقـلِّ أمـرٍ تُبـادر حربُهـن يـا سادتـى بالإنبجـاس
وكم كنتُ الضحيـة فـي مـرارٍ وأجـزم بانعدامـي و انطماسـي
فإحداهن شدَّت شعر رأسـي وأخراهـن تسحـب مـن أساسـي
وإن عثُـر اللسـان بذكـرِ هـذي لهـذي شـبَّ مثـل الالتـمـاسِ
وتبصرني إذا ما احتجتُ أمراً من الأخرى يكون بالإختـلاسِ
وكم مـن ليلـةٍ أمسـي حزينـاً أنـامُ علـى السطـوحِ بـلا لبـاسِ
وكنـتُ أنـام مُحترمـاً عزيـزاً فصـرتُ أنـام مـا بيـن البِسـاسِ
أُرَضِّـعُ نامـس الجيـران دَمِّـي وأُسقـي كـلَّ برغـوث بكاسـي
ويــومٌ أدَّعــي أنِّــي مـريـضٌ مـصـابٌ بالـزكـامِ وبالعُـطـاسِ
وإن لـم تنفـع الأعـذار شيئـاً لجئـتُ إلـى التثـاؤب والنعـاسِ
وإن فَرَّطْتُّ في التحضير يوماً عن الوقت المحدد يـا تعاسـي
وإن لـم أرضِ إحداهـنَّ ليـلاً فيـا ويلـي ويـا ســود المـآسـي
يطير النـوم مـن عينـي وأصحـو لقعقعـةِ النوافـذ والكراسـي
يجـيء الأكـل لا ملـح ٌ عليـه ولا أُسقـى ولا يُـكـوى لبـاسـي
وإن غلـط العيـال تعيـث حذفـاً بأحذيـةٍ تـمُّـرُ بـقـرب رأســي
وتصرخ ما اشتريت لي شيئا وذا الفستان ليس على مقاسي
ولـو أنـى أبـوحُ بربـعِ حـرفٍ سأحُـذفُ بالقـدورِ وبالتباسـي
تـرانـي مـثـل إنـسـانٍ جـبـانٍِ رأى أســداً يـهـمُّ بـالافـتـراسِ
وإن اشـرِي لإحدَّاهـن فِجـلاً بكـت هاتـيـك يابـاغـي وقـاسـي
رأيتـك حامِـلاً كيسـاً عظيمـاً فمـاذا فيـه مـن ذهــبٍ و مــاس
تقـول تُحبُّنـي وأرى الهـدايـا لغـيـري تشتريـهـا والمكـاسـي
وأحلـفُ صادقـا ً فتقـول أنتـم رجـالٌ خادعـون وشــرُّ نــاسِ
فصـرت لحالـةٍ تُدمـي وتُبكـي قلـوب المخلصيـن لِمـا أُقاسـي
وحار الناس في أمري لأني إذا سألوا عن اسمي قلت ناسـي
وضاع النحو والإعراب مني ولخْبطـتُّ الرباعـي بالخُماسـي
وطلَّقتُ البيـان مـع المعانـي وضيعَّـت ُ الطبـاق مـع الجنـاسِ
أروحُ لأشتري كُتباً فأنسى وأشري الزيت أو سلـك النحـاسِ
أسيـر أدور ُ مـن حـيٍّ لحـيٍّ كأنِّـي بعـض أصحـاب التكاسـي
ولا أدري عن الأيـامِ شيئـاً ولا كيـف انتهـى العـام الدراسـي
فيـومٌ فـي مخاصمـةٍ ويـومٌ نـداوي مـا اجترحـنـا أو نـواسـي
وما نفعت سياسة بوش يوماً ولا ما كـان مـن هيلاسيلاسـي
ومن حلم ابن قيس أخذتُ حلمي ومكراً من جحا وأبي نواسِ
فلما أن عجـزتُ وضـاق صـدري وبـاءت أُمنياتـي بالإياسـي
دعوتُ بعيشـة العُـزّاب أحلـى مـن الأنكـادِ فـي ظـلِّ المآسـي
وجاء الناصحون إليّ أُخـرى وقالـوا نحـن أربـاب المراسـي
ولا تـسـأم ولا تبـقـى حزيـنـاً فـقـد جئـنـا بـحـلٍ دبلـومـاسـي
تـزوَّج حرمـةً أُخـرى لتحيـا سعيـداً ساِلـمـاً مــن كــل بــاسِ
فصحـتُ بهـم لئـن لـم تتركونـي لانفلتـنَّ ضـربـا ً بالـمـداسِ
فصحـتُ بهـم لئـن لـم تتركونـي لانفلتـنَّ ضـربـا ً بالـمـداسِ

دمعة


هاهي عقارب الساعة تزحف ببطء لتصل إلى السادسة مساء في منزل زوجة الفقيد أبي محمد التي تقضي اليوم الأول بعد رحيل زوجها الشاب إلى جوار ربه , ولسان حالها تجاهه وهي ترمق صخب الدنيا :
جاورتُ أعدائي وجاور ربه ....... شتان بين جواره وجواري
غصَّ البيت بالمعزين رجالا ونساء صغارا وكبارا ...
اصبري يا أم محمد واحتسبي , وعسى الله أن يريك في محمد ذي الثلاثة أعوام خير خلف لأبيه ...
وهكذا قضى الله أن يقضي محمد طفولته يتيم الأب , غير أن رحمة الله أدركت هذا الغلام , فحنن عليه قلب أمه فكانت له أما وأبا ..
وتمر السنون و يكبر الصغير وينتظم دارسا في المرحلة الابتدائية ..ولما كُرِّم متفوقا في نهاية السنة السادسة أقامت له أمه حفلا رسم البسمة في وجوه من حضر .. ولما أسدل الليل ستاره وأسبل الكون دثاره ,,
سارَّتْه أمه أن يا بني ليس بخاف عليك قلة ذات اليد عندنا , لكني عزمت أن أعمل في نسج الثياب وبيعها , وكل مناي أن تكمل الدراسة حتى الجامعة وأنت في خير حال ..
بكى الطفل وهو يحضن أمه قائلا ببراءة الأطفال :
( ماما إذا دخلت الجنة إن شاء الله سأخبر أبي بمعروفك الكبير معي ) ..
تغالب الأم دموعها مبتسمة لوليدها ..
وتمر السنون ويدخل محمد الجامعة ولا تزال أمه تنسج الثياب وتبيعها حتى كان ذلك اليوم ...
دخل محمد البيت عائدا من أحد أصدقائه فأبكاه المشهد ..وجد أمه وقد رسم الزمن على وجهها تجاعيد السنين .. وجدها نائمة وهي تخيط ,ولا يزال الثوب بيدها ..كم تعبت لأجل محمد ! كم سهرت لأجل محمد !
لم ينم محمد ليلته تلك ولم يذهب للجامعة صباحا ..عزم أن ينتسب في الجامعة ويجد له عملا ليريح أمه من هذا العناء ..
غضبت أمه وقالت : إن رضاي يا محمد أن تكمل الجامعة منتظما وأ عدك أن أترك الخياطة إذا توظفت بعد الجامعة ..وهذا ما حصل فعلا ..
هاهو محمد يتهيأ لحفل التخرج ممنيا نفسه بوظيفة مرموقة يُسعد بها والدته وهذا ما حصل فعلا ..
محمد في الشهر الأول من وظيفته وأمه تلملم أدوات الخياطة لتهديها لجارتها المحتاجة ,
محمد يعد الأيام لاستلام أول راتب وقد غرق في التفكير : كيف يرد جميل أمه ! أيسافر بها ! أيسربلها ذهبا !
لم يقطع عليه هذا التفكير إلا دخول والدته عليه وقد اصفر وجهها من التعب , قالت يا بني أشعر بتعب في داخلي لا أعلم له سببا ,
هب محمد لإسعافها , حال أمه يتردى , أمه تدخل في غيبوبة , نسي محمد نفسه .. نسي عمله ..
ترك قلبه عند أمه لا يكاد يفارقها , لسان حاله :
فداك النفس يا أمي .... فداك المال والولد
وكان ما لم يدر في حسبان محمد .. هاهي الساعة تشير إلى العاشر ة صباحا ,,
محمد يخرج من عمله إلى المستشفى , ممنيا نفسه بوجه أمه الصبوح ريانا بالعافية ,
وعند باب القسم الخاص بأمه استوقفه موظف الاستقبال وحثه على الصبر والاحتساب ..
صعق محمد مكانه ! فقد توازنه ! وكان أمر الله قدرا مقدورا ,
شيع أمه المناضلة لأجله , ودفن معها أجمل أيامه , ولحقت بزوجها بعد طول غياب ,
وعاد محمد يتيم الأبوين ..
انتهى الشهر الأول ونزل الراتب الأول لحساب محمد .. لم تطب نفسه به , ما قيمة المال بلا أم !
هكذا كان يفكر حتى اهتدى لطريق من طرق البر عظيم , وعزم على نفسه أن يرد جميل أمه حتى وهي تحت التراب ,
عزم محمد أن يقتطع ربع راتبه شهريا ويجعله صدقة جارية لوالدته , وهذا ما حصل فعلا ..
حفر لها عشرات الآبار وسقى الماء وبالغ في البر والمعروف , ولم يقطع هذا الصنيع أبدا حتى شاب عارضاه وكبر ولده ولا يزال الربع مُوقفاً لأمه ,
كانت أكثر صدقاته في برادات الماء عند أبواب المساجد ..
وفي يوم من الأيام وجد عاملا يقوم بتركيب برادة عند المسجد الذي يصلي فيه محمد ..
عجب محمد من نفسه ! كيف غفلت عن مسجد حينا حتى فاز به هذا المحسن !! فرح للمحسن وندم على نفسه !
حتى بادره إمام المسجد من الغد شاكرا وذاكرا معروفه في السقيا !
قال محمد لكني لم أفعل ذلك في هذا المسجد ! قال بلى جاءني ابنك عبد الله – وهو شاب في المرحلة الثانوية - وأعطاني المبلغ قائلا :
هذا سأوقفه صدقة جارية لأبي , ضعها في برادة ماء , عاد الكهل محمد لابنه عبد الله مسرورا بصنيعه !
سأله كيف جئت بالمبلغ ! ليفاجأ بأن ابنه مضى عليه خمس سنوات يجمع الريال إلى الريال حتى استوفى قيمة البرادة !
وقال : رأيتك يا أبي منذ خرجتُ إلى الدنيا تفعل هذا بوالدتك .. فأردت أن أفعله بوالدي ..
ثم بكى عبد الله وبكى محمد ولو نطقت تلك الدمعات لقالت :
إن بركة بر الوالدين تُرى في الدنيا قبل الآخرة !

ألعاب زمان

قد يستحقر البعض أساليب اللعب زمان . ولكن بشئ من الإنصاف يمكن أن نعدد من المزايا التى فى تلك الألعاب بما يصعب حصره . وهنا نترك لكم ف...